في الكتاب والسنة ما يدل على استظهار الملة الإسلامية على الملة النصرانية، وإن نظرنا إلى جميع الملل فالملة الإسلامية والملة النصرانية هما فوق سائر الملل الكفرية لهذه الآية.
ولا ملجىء إلى جعل الضمير المذكور في الآية وهو الكاف لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - كما تكلفه جماعة من المفسرين، لأن جعله لعيسى كما يدل عليه السياق، بل هو الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه، لا يستلزم إخراج الملة المحمدية بعد البعثة، إذ هم متبعون لعيسى كما عرفت سابقاً.
ولا خلاف بين أهل الإسلام أن الملة النصرانية كانت قبل البعثة المحمدية هي القاهرة لجميع الملل الكفرية، فلم يبق في تحويل الضمير عن مرجعه الذي لا يحتمل السياق غيره فائدة إلا تفكيك النظم القرآني والإخراج له عن الأساليب البالغة في البلاغة إلى حد الإعجاز.
ومن تدبر هذا الوجه الذي حررناه علم أنه قد أعطى التركيب القرآني ما يليق ببلاغته من بقاء عموم الموصول الأول والموصول الثاني وعدم التعرض لتخصيصه بما ليس بمخصص، وتقييده بما ليس بمقيد، وعدم الخروج عن مقتضى الظاهر في مرجع الضمائر وعدم ظن التعارض بين ما هو متحد الدلالة: انتهى.
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمان فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويحكم بين العباد بالشريعة المحمدية، ويكون المسلمون أنصاره وأتباعه إذ ذاك، فلا يبعد أن يكون في هذه الآية إشارة إلى هذه الحالة (١).
(إلى يوم القيامة) غاية للجعل أو للاستقرار المقدر في الظرف لا على معنى أن ذلهم ينتهي يوم القيامة، بل على معنى أن المسلمين يعلونهم إلى تلك