للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واختاره محققو أهل الحديث، ثم ذكر سبحانه إحاطة علمه بأحوال عباده فقال:

(هو أعلم بكم) أي: بأحوالكم، وتفاصيل أموركم (إذ) حين (أنشأكم من الأرض) أي: خلقكم منها في ضمن خلق أبيكم آدم، وحين ما صوركم في الأرحام، وقيل: المراد آدم فإنه خلقه من طين (وإذا أنتم أجنة) أي هو أعلم بأحوالكم وقت كونكم أجنة، وهي جمع جنين، وهو الولد ما دام في البطن، سمي ذلك لاجتنابه، أي لاستتاره في بطن أمه، ولهذا قال: (في بطون أمهاتكم) فلا يسمى من خرج عن البطن جنيناً، والجملة مستأنفة لتقرير ما قبلها.

" عن ثابت بن الحرث الأنصاري قال: كانت اليهود إذا هلك لهم صبي صغير قالوا: هو صديق، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كذبت يهود، ما من نسمة يخلقها في بطن أمها إلا أنه شقي أو سعيد، فأنزل الله عند ذلك هذه الآية " أخرجه الطبراني وغيره.

(فلا تزكوا أنفسكم) أي لا تمدحوها، ولا تثنوا عليها خيراً، ولا تنسبوها إلى زكاء العمل، وزيادة الخير والطاعات، وحسن الأعمال، واهضموها فإن ترك تزكية النفس أبعد من الرياء، وأقرب إلى الخشوع، قال ابن عباس: لا تمدحوها، وقال الحسن: علم الله من كل نفس ما هي صانعة وإلى ما هي صائرة فلا تبرؤوها من الآثام، ولا تمدحوها بحسن الأعمال، وقيل لا تزكوها رياء، وخيلاء، ولا تقولوا لمن لم تعرفوا حقيقته أنا خير منك، وأنا أزكى منك، أو أتقى منك، فإن العلم عند الله، وفيه إشارة إلى وجوب خوف العاقبة فإن الله يعلم عاقبة من هو على التقوى.

وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود " عن زينب بنت أبي سلمة أنها سميت برة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>