للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي

وأخرج بن المنذر عن الحبر أنها وصفت بالملعونة لتشبيه طلعها برءوس الشياطين كما جاء في الآيتين ٦٤ و ٦٥ من الصافات أيضا، والشياطين ملعونون، والعرب تقول لكل طعام مكروه ملعون، والآية معطوفة على قوله تعالى الرؤيا، أي وما جعلنا هذه الشجرة إلا فتنة للناس أيضا، وإنما كانت فتنة لأن أبا جهل وغيره من متعنتي قريش قالوا إن محمدا يتوعدكم بنار تحرق الحجارة، ثم يقول ينبت فيها الشجر على طريق السّخرية والاستهزاء، ويقول ابن أبي كبشة هي الزقوم، وما نعرف الزقوم إلا التمر بالزبد ثم أمر جاريته فقال هيّا، فأحضرت له تمرا وزبدا، وقال لأصحابه تزقموا، وكذلك قال ابن الزبعرى الآتي ذكره في الآية ٩٧ من الأنبياء في ج ٢، وافتتن بهذه المقالة بعض الضعفاء وضلوا في ذلك ضلالا بعيدا، إذ كابروا في قضية أبتها عقولهم القاصرة، وما قدروا الله حق قدره، ألا يرون النعامة تبتلع الجمر وقطع الحديد المحماة فلا تضرها، والسندل يفرخ في النار ويعمل من وبره مناديل إذا توسخت ألقيت في النار فيذهب وسخها ولا تحترق، والدود يعيش في الثلج، والنار من الشجر الأخضر كما قدمنا توضيحه في الآية ٨٠ من سورة يس المارة، فالقادر على تلك الأشياء ألا يقدر على خلق شجرة في النار لا تحترق، وما هي إلا كالسمك في الماء والطير في الهواء راجع الآية ١٩ من سورة الملك في ج ٢، بلى وهو على كل شيء قدير. وجاء عن ابن عباس أنها الكثوث المذكورة في قوله تعالى (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ) الآية ٢٤ من سورة ابراهيم في ج ٢ المشبّه بها كلمة الكفر، وقد لعنها في القرآن وخصّها بالخبث، وإن الامتنان بها على هذا هو أنهم قالوا عند سماع الآية ما بال الحشائش تذكر في القرآن، كما اعترضوا على ذكر البعوضة فيه، راجع الآية ٢٥ من سورة البقرة في ج ٣، والمعول في هذا على القول الأول بالنسبة للمروي عنه «وَنُخَوِّفُهُمْ» بتلك الآيات ونظائرها وجاء هذا الفعل بلفظ الاستقبال دلالة على الاستمرار التجددي وقرىء بالياء «فَما يَزِيدُهُمْ» تخويفنا هذا بالإهلاك في الدنيا والتعذيب بالنار في الآخرة «إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً» ٦٠ عظيما بسائق تمردهم وعنادهم، فإنهم كلما جاءتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>