للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آية تجاوزوا الحد بالإنكار والتكذيب، ولذلك فإنا لو أرسلنا إليهم ما اقترحوه على يد رسولهم لفعلوا به ما فعله من قبلهم أمثاله بأمثاله ولفعلنا بهم أيضا ما فعلناه بأمثالهم من عذاب الاستئصال، ولكن سبقت كلمتنا بتأخير العقوبة العظمى إلى الطامّة الكبرى واعلم أن هذا الكلام مسوق لتسلية حضرة الرسول عما عسى أن يعتريه من عدم الإجابة إلى إنزال الآيات المقترحة لمخافتها للحكمة من نوع حزن وكآبة من طعن الكفرة، إذ كانوا يجابهونه بقولهم لو كنت نبيا أو رسولا حقا لأتيت بما نطلبه منك من المعجزات كالأنبياء قبلك، إذ جاءوا أقوامهم بما طلبوه منهم، ولكنك لست برسول، ولهذا لم تقدر أن تأتينا بشيء من ذلك، وهذا أصح ما جاء في تفسير هذه الآية وسبب نزولها، وما قيل أن المراد بالإحاطة هنا الإهلاك على حد قوله تعالى (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) الآية ٤٢ من سورة الكهف في ج ٢، وأنه هو الواقع يوم بدر، وأن التعبير بالماضي جاء على حد قوله تعالى (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) الآية ٤٣ من سورة القمر المارة، وقوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ) الآية ١٣ من آل عمران ج ٣ وغيرهما من الآيات لتحقق الوقوع، وأن المراد بالرؤيا هو ما رواه صلّى الله عليه وسلم في المنام من مواقع مصارع القتلى من قريش، لما صح أنه صلّى الله عليه وسلم لمّا ورد ماء بدر كان يقول والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم وهو يضع يده الشريفة على الأرض هاهنا هاهنا ويقول: هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان، وإن قريشا سمعت بما أوحى الله إلى نبيهم بشأن بدر وما أري في منامه، فكانوا يضحكون ويسخرون، وهذا هو معنى الفتنة المرادة في هذه الآية، راجع الآية ٧٨ من الأنفال في ج ٣، وسمعت أيضا بما رواه مناما أنه سيدخل مكة وأنه أخبر أصحابه فتوجه إليها، وصده المشركون عام الحديبية حتى قال عمر:

يا أبا بكر أما أخبرنا رسول الله أنا ندخل البيت ونطوف فيه؟ فقال إنه لم يقل في هذه السنة، وقد صدق الله ودخلوها في القابلة، فكل هذا لا يكاد يصح شيء مه، لأن هذه كلها وقعت ورسول الله في المدينة، وهذه الآية مكيّة إجماعا وهو مخالف لظاهر الآية المفسرة لذلك فلا يعول عليه، وأن الاعتذار عن كون هذا مدنيا بأنه يجوز أن يكون الوحي بالإهلاك وبالرؤيا واقعا في مكة، وذكر الرؤيا

<<  <  ج: ص:  >  >>