وما استدل به بعضهم على أن الدلوك بمعنى غياب الشمس من قول ذي الرمة:
مصابيح ليست باللواتي يقودها ... نجوم ولا بالاملاك الدوالك
لا يكون نصا في معنى الغياب لأنه يكون بمعنى الميل والنجوم تميل بسيرها، لأن أصل مادة ذلك تدل على الانتقال وفي الزوال انتقال من دائرة نصف النهار إلى ما يليها، وفي الغروب انتقال من دائرة الأفق إلى ما تحتها بحسب مانراه، وكذلك الدلك المعروف هو انتقال اليد من محل إلى آخر، وليعلم أن كل كلمة أولها دال ولام مع قطع النظر عن آخرها تدل على ذلك مثل دلج من الدلجة وهو سير الليل ومنه دلج الدلو إذا مشى بها من رأس البئر إلى المصب ودلج بالماء إذا مشى به مشيا ثقيلا ودلع إذا أخرج لسانه ودلف إذا مشى مشية المقيد ودلق إذا أخرج المائع من مقره ودله إذا ذهب عقله «وَقُرْآنَ الْفَجْرِ» صلاته لأنها لا تجوز بلا قراءة «إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً» ٧٨ من ملائكة الليل والنهار لأنه آخر الليل وأول النهار، ولهذا فضل بعضهم صلاة الغلس على صلاة الأسفار، وان الصلاة في وقتها أفضل، وهذه الآية الكريمة هي مأخذ الصلوات الخمس التي فرضها الله تعالى على حضرة الرسول وأمته في هذه السورة في ليلة المعراج الشريف، ونظير هذه الآية الآية ١٣٠ من سورة طه المارة والآية ١٨ من سورة الروم في ج ٢ هذا ومما يؤيد فرضية الصلاة في نزول هذه الآية وكونها في السنة العاشرة، كما قال الزهري أنها في السنة الخامسة لا كما قدمنا البحث فيه في قصة المعراج المارة، وإن مما يقدح في قوله أن خديجة رضي الله عنها لم تصل الصلوات الخمس وأن أبا طالب لم يدرك الإسراء ولم يبلغه شيء عنه ولو كان حيا لرجع اليه قومه حين أنكروه على النبي صلّى الله عليه وسلم وأنّبوه ورموه بما رموه من أجله لأنه توفي في ١٥ شوال سنة ١٠ من البعثة التي أولها شهر رمضان وقد وقع الإسراء في ٢٧ رجب سنة ١٠ وتلته خديجة بعد ثلاثة أيام كما ذكرناه قبل، تنبه. روى البخاري عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول تفضل صلاة الجمع صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءا، وتجتمع ملائكة الليل والنهار في صلاة الفجر ثم يقول أبو هريرة اقرأوا إن شئتم (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) الآية وليعلم