أن ليس المراد باقامة الصلاة فيما بين هذين الوقتين، أي دلوك الشمس وغسق الليل على وجه الاستمرار، بل إقامة كل صلاة في وقتها المعين لها ببيان جبريل عليه السلام الثابت في الروايات الصحيحة، كما أن اعداد ركعات كل صلاة موكول إلى بيانه عليه الصلاة والسلام، وقدمنا ما يتعلق بهذا البحث أيضا آخر قصة المعراج المارة أول هذه السورة، وقد استدل بعضهم في هذه الآية على جواز جمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وبقاء الصبح وحدها لانفصالها بالآية وذكرها وحدها بلا عذر، وهو خطأ إذ لا خبر صحيح بجواز ذلك، وإذا لم يضمّ إلى هذه الآية بشيء يفسرها من أقوال حضرة الرسول على صحة ما قاله ذلك البعض لا يصلح الأخذ به، لأن الاستدلال بظاهرها ومفردها على جواز الأربعة جميعها، لأنها عبارة عن جملة واحدة أولى من الاستدلال على جمع اثنتين اثنتين، ولا قائل بجمع الأربع البتة، وان حديث ابن عباس المثبت في صحيح مسلم من أنه صلّى الله عليه وسلم صلّى الظهر والعصر جمعا بالمدينة، وفي رواية أنه صلّى ثمانيا جمعا وسبعا جمعا من غير خوف ولا سفر هو صحيح لا غبار عليه، إلا أنه لم ينف المرض والمطر، لأن الجمع فيهما جائز تقديما وتأخيرا على مذهب الشافعي رضي الله عنه، وتقديما فقط في الجديد بسبب المرض أو المطر ليس إلا، ولا يليق أن يؤول الحديث المذكور بخلاف هذا، وما جاء عنه أيضا في صحيح مسلم في رواية أخرى من غير خوف ولا مطر أي لا مطر كثير يمنع من المشي إلى الجامع بسهولة، يدل على هذا قوله صلّى الله عليه وسلم إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال، فإذا كان المطر لم يبلغ ذلك فلا يمنع ولا يصح الجمع، ولم ينف هذا الحديث أيضا المرض تدبّر، بما يدل على أن جمعه ذلك الوارد في حديث مسلم كان بسبب المرض، إذ لا قائل بالجمع دون سبب أصلا. على أن الجمع لم يقل به ابو حنيفة مطلقا فيما عدا عرفات ومزدلفة لضيق الوقت
في ذلك الازدحام الذي يعرفه من شاهده ليس إلا، لعدم تثبته رضي الله عنه من صحة ما ورد فيه، وأن الجمع المروي عنه صلّى الله عليه وسلم حال العذر عبارة عن تأخير الأولى لآخر وقتها فصلاها فيه، ولما فرغ منها دخل وقت الثانية فصلاها فصارت هذه الصورة صورة جمع، ويحمل عليه قول من رآه صلّى ثمانيا