ونزه تنزيها كثيرا. وهذه الآية تسمى آية العز كما جاء في الحديث الصحيح، وإن من داوم عليها كان عزيزا محترما، ولهذا كان صلّى الله عليه وسلم يعلمها لكل غلام أفصح من بني عبد المطلب، فعلى الموفق أن يداوم عليها ليل نهار ليوقع الله في قلوب خلقه مهابته واحترامه ويضاعف له الأجر بتلاوتها. أخرج مسلم عن سمرة بن جندب قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم أحب الكلام إلى الله أربع: لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله لا يضرك بأيهن بدأت. وعن ابن عباس قال: قال صلّى الله عليه وسلم أول ما يدعى إلى الجنة يوم القيامة الذين يحمدون الله في السراء والضراء. عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحمد لله رأس الشكر ما شكر الله عبد لا يحمده. وأخرج أبو يعلى وابن السّني عن أبي هريرة قال: خرجت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويدي في يده فأتى على رجل رثّ الهيئة فقال أي فلان ما بلغ بك ما أرى؟ قال السقم والضر قال صلّى الله عليه وسلم ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضر؟
قال بلى، قال قل توكلت على الحي الذي لا يموت، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) إلخ الآية، فأتى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد مدة وقد حسنت حالته فقال مهيم أي مم أصابك هذا، فقال لم زل أقول الكلمات التي علمتني. وأخرج ابن ابي الدنيا في كتاب الفرج والبيهقي في الأسماء والصفات عن إسماعيل بن أبي فديك قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما كربني أمر إلا مثل لي جبريل عليه السلام، فقال يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت و (الْحَمْدُ لِلَّهِ) الآية. وأخرج ابن أنس والديلمي عن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لها إذا أخذت مضجعك فقولي الحمد لله الكافي، سبحان الله الأعلى، حسبي الله وكفى، ما شاء الله قضى، سمع الله لمن دعا، ليس من الله ملجأ ولا وراءه ملتجى، توكلت على الله ربي وربكم، (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الْحَمْدُ لِلَّهِ) الآية. ثم قال ما من مسلم يقرأوها عند منامه ثم ينام وسط الشياطين والهوام فنضره. هذا، ولا يوجد سورة محتومة بمثل ما ختمت به هذه السورة، والله أعلم، وأستغفر الله، ولا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافي مزيده بمعونة الله تعالى وتوفيقه.