وحده لا شيء ولا أحد أبدا، وأن هنا مفسرة على ما جرينا عليه وهو أحسن من جعلها على تقدير اللام كما مشى عليه بعض المفسرين، والمعنى على الأول أن الله الذي أنزل هذا الكتاب وأحكم آياته وفصلها أمركم أن لا تعبدوا غيره وذلك لما في التفصيل من معنى القول دون حروفه، وعلى الثاني تكون مصدرية وتقدر اللام معها تعليلا وعليها يكون المعنى هذا كتاب أحكمت آياته ثم فصلت لئلا تعبدوا إلا الله، ويجوز أن تكون هذه الجملة مبتدأة للإغراء على التوحيد أي الأمر بالتبري عن عبادة غير الله تعالى أي الزموا التوحيد واتركوا عبادة الغير وارجعوا إلى الله ربي وربكم «إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ» أي يقول الله تعالى يا محمد قل لقومك إنني أيها العصاة «نَذِيرٌ» لكم من عقاب الله تعالى «وَبَشِيرٌ ٢» لكم أيها الطائعون بثوابه «وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ» مما اقترفتموه من الذنوب واخترقتموه من العيوب «ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ» بعدها عما سلف منكم حال حياتكم من كل ما يغضب الله فإذا فعلتم ذلك فإن الله تعالى «يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً» في هذه الدنيا بسعة الرزق والعافية والعزّ «إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» عنده، واعلم أن ما جاء في الحديث الشريف: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر لا يرد على هذه الآية لأنها سجن المؤمن بالنسبة لما أعده الله تعالى له في الآخرة من النعيم المقيم فكل ما أعطاه له في هذه الدنيا من النعم لا يعد شيئا بجانبه على أن ما يصيبه فيها من البلاء يكون مكفرا لذنوبه كي يلقى ربه وليس عليه ذنب يستوجب المجازاة وهذا لطف من الله بعباده المؤمنين، وكذلك الكافر فإن الدنيا له جنة بالنسبة لما أعده له من العذاب الأليم في الآخرة، فكل ما يصيبه في الدنيا من النعيم لا يوازيه عذاب ثانية واحدة من عذابها وأن ما يناله من الخير فيها فهو بمقابل حسناته التي يعملها كصلة رحم وإقراء ضيف وشبههما كي يلقى الله تعالى وليس له حسنة تستحق الجزاء الحسن وهذا زيادة في شؤمه وعذابه «وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ» زيادة من عمل صالح «فَضْلَهُ» جزاءه لا يبخس منه شيئا أبدا، قال أبو العالية من كثرت طاعاته في الدنيا زادت حسناته ودرجاته في الجنة لأن الدرجات تكون على قدر الأعمال، وقال ابن مسعود: من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له