عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة في الدنيا بقيت له عشر حسنات وإن لم يعاقب بها بالدنيا أخذ من حسناته العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول ابن مسعود ملك من غلبت آحاده أعشاره. فعلى العاقل
أن يكثر من الخير إبان شبابه وسعته، لأنه قد يعجز في الكبر والفقر عن القيام بما يريده من القربات، ولهذا قال الحافظ:
أترجو أن تكون وأنت شيخ ... كما قد كنت أيام الشباب
لقد كذبتك نفسك ليس شيىء ... دريس كالجديد من الثياب
«وَإِنْ تَوَلَّوْا» تتولوا وتعرضوا عن ما جئتكم به من الهدى وأسديت لكم من النصح والتوجيه والإرشاد «فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ» بمقتضى الشفقة والرحمة أن يحيط بكم «عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ٣» هو يوم الجزاء على الأعمال يوم مهول لا أعظم منه. واعلم أن كل عمل منعم عليه في الآخرة منعم على صاحبه في الدنيا أيضا بتزيين عمله في نظره وراحة ضميره إليه وتعلقه برضاء ربه، ورجاء ثوابه عليه، واطمئنان نفسه فيه، وانشراح قلبه له، وثناء الناس عليه، وترغيب الغير لمثله، وضرب المثل فيه بالخير والسماحة والعمل الطيب والفعل الحسن، كما أن كل عمل معذب عليه في الآخرة معذب ضمير صاحبه عليه في الدنيا بقبح صورته في نظره وسوء تصوّر عمله في قلبه، وإن كان ذاق لذته الظاهرة الزائلة بحينها وضيق صدره لما وقع بعد قضاء شهوته الحيوانية وتخوفه من سوء عاقبته إن كان له وجدان أو دين، وندمه على ما فرط منه وحسرته على تفريطه، وذم الناس له وتحذيرهم من عمله، وضرب مثل السوء به.
مطلب كل ما ينعم عليه العبد في الدنيا ينعم عليه في الآخرة وبالعكس:
روى الإمام أحمد بن حنبل والدارمي رحمهما الله بإسناد حسن في سنديهما عن وابصة بن معبد رضي الله عنه دفين الرقة من أعمال دير الزور- سابقا-، قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جئت تسأل عن البر؟ قلت نعم (وهذا من الإخبار بالغيب لأنه صلى الله عليه وسلم أخبره بما جاء يسأل عنه قبل أن يبديه له) قال استفت قلبك، البر ما اطمأنت