إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك بالفاء وفي رواية بالقاف- فعلى الأول من الفتيا وهي الجواز والرخصة والثاني من الإقتاء وهو الإرضاء، أي وإن أرضوك فلا تركن لقولهم.
وروى مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البرّ حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس. وروى الترمذي والنسائي عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته رضي الله عنهما قال حفظت من رسول الله: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
وروى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. قال تعالى «إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ» أيها الناس بعد الموت «جميعا» بركم وفاجركم «وَهُوَ» الذي أحياكم في الدنيا وأماتكم فيها ويحييكم ثانيا يوم القيامة ذلك الإله الواحد المتجلي في الآفاق بكمال الاستقلال والاستحقاق هو «عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٤» لا يعجزه شيء «أَلا إِنَّهُمْ» أولئك الكفرة عند سماع آيات الله المنزلة عليك يا أكمل الرسل من ربك الملك الجبار القهار العلام «يَثْنُونَ» يلوون ويعطفون ويصرفون عنك «صُدُورَهُمْ» يزوّرونها عن رؤيتك وينحرفون بكليتهم عنك ويخفون ما فيها من عداوتك، يقال أزوّر عنه وثنى عنه لأن من يقبل على الشيء يقبل بصدره، ومن يدبر يزوّر وينحرف بصدره ويطوي كشحه، وهذه الآية في معرض الجواب عما تقدم من الترغيب والترهيب فكأن أولئك الكفرة بعد ما سمعوا من حضرة الرسول ذلك القول العظيم الإلهي الذي تخر له صم الجبال تمادوا في كفرهم وأصروا على ضلالهم ودارموا على إعراضهم المشار إليه بقوله (فإن تولوا) الجملة المارة في الآية ٣، وإنما خص الصدور بالازورار لأن ما فيها مكتوم، فكأنهم يظهرون له خلاف ما يبطنون، يدل عليه قوله تعالى «لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ» صلى الله عليه وسلم والله لا تخفى عليه خافية فإنه جلت عظمته يخبر نبيّه بما يقع منهم ظاهرا وباطنا «أَلا» تنبيه ثان لما بعده بأنه شيء يهتم له ويجب الاعتناء به، وهو أن الله يعلم كل ما يقع منهم حتى أنهم «حِينَ» وقت وزمن «يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ» فيه فيغطون بها رءوسهم كراهية رؤية من تخطب