للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الخنزير فوقعت منه فأرتان فأقبل الخنزيران على الروث فأكلوه وصار الفأر يفسد في السفينة ويقرض ما فيها، فأوحى الله إلى نوح أن اضرب بين عيني الأسد فضرب فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفأر فأكلاه إلا قليلا ودامت السفينة جارية ستة أشهر، إذ ركب فيها لعشر من رجب وهبطت على الجودي يوم عاشوراء، وتناهى الطوفان وخرجوا من السفينة وصاموا ذلك اليوم شكرا لله تعالى، وعمروا قرية هناك تسمى الآن سوق الثمانين وهي أول قرية عمرت على وجه الأرض بعد الطوفان.

مطلب المياه كلها من الأرض والبحر المكفوف:

وبعد أن تم مراد الله تعالى بإغراق الكفرة وإنجاء المؤمنين خاطب الأرض بقوله عز قوله «وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ» تشير هذه الآية على أن الماء كله من الأرض إذ أضافه إليها وهو موافق لقول من يقول أن الأمطار كلها من الأنجرة المتصاعدة من الأرض والبحار والأنهار وغيرها، وهذا مما يعرفه العرب الأقدمون إذ يقولون إن الغيوم تلتقم الماء من البحر تم تمطره، وعليه قوله:

شربن بماء البحر ثم ترفعت ... في لحج خضر لهن أجيج

وقال:

كالبحر يمطره السحاب وماله ... من عليه لأنه من مائه

راجع الآية ٣٠ من سورة النازعات الآتية تجد ما يتعلق في هذا البحث، وقال بعض العلماء المطر قسمان قسم من أبخرة الأرض والمياه وقسم من علم الله وذلك استنادا لما يقوله بعض العارفين بوجود بحر بين السماء والأرض يسمى المكفوف ينزل منه نوع من المطر، يؤيد هذا ظاهر الآية ٢٠ من سورة الزمر الآتية وهي قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ) وآية المؤمنين ١٨ الآتية أيضا وهي (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) وتقدم ما يدل على هذا في قصة المعراج أول سورة الإسراء المارة في ج ١، وعدم اطلاع الطبيعيين والفلكيين على هذا البحر لا يكون حجة على عدم وجوده، لأن دعوى النّفي لا تثبت بالنفي بل بالإثبات. والله تعالى قادر على أكثر من ذلك فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>