وكان لأبي لهب ثلاثة أولاد عتبة ومتعب أسلما، وعتيبة أهان حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأساء الأدب معه بأمر أبيه وطلق ابنته أم كلثوم، فقال صلى الله عليه وسلم: أللهم سلط عليه كلبا من كلابك. فقتله السبع على طريق الشام ومن أسماء السبع الكلب، ثم هلك أبو لهب بالعدسة أي مرض الطاعون بعد وقعة بدر، وهذا المرض يجتنب مخافة العدوى فاستأجروا له بعض السودان، فدفنوه مخافة العار وإلا لتركوه وهذه العادة توجد حتى الآن عند بعض البدو، فانهم إذا مات أحدهم بمرض يزعمون أنه يعدي فإنهم يتباعدون عنه ويتركونه، وقد يهجرونه إبّان مرضه مخافة العدوى كالجدري والطاعون وغيره، هذا وقد صدق الله فلم يغن عنه ماله ولا كسبه، ولم يحل بينه وبين ما حل به، وكان صاحب مواشي. قال ابن مسعود: ولما دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أقرباءه إلى الله، قال أبو لهب: إن كان ما تقول يا ابن أخي حقا فأنا افتدي نفسي بمالي وولدي، فأنزل الله هذه السورة وهذا يصح إذا وقع منه نزولها لا عند نزول آية الشعراء الآنفة الذكر. وبعد أن حقق الله وعده فيه بهلاكه في الدنيا على الصورة المذكورة أوعده بانه في الآخره أيضا (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ ٣) تتوقد وتنلهب في قلبه لشدة حسده له في الدنيا وفي الآخرة تحرقه (وَامْرَأَتُهُ) أم جميل المتقدم ذكرها في بحث فترة الوحي في المقدمة وصفها بقوله «حَمَّالَةَ «الْحَطَبِ ٤» في جهنم، ذمها مع ما هي عليه من الشرف وكريم المحتد، لأنها كانت تحمل الشوك والحسك وتطرحه في طريق رسول الله وأصحابه وتنم عليهم لشدة عداوتها لهم.
مطلب ما قالت أم جميل وما قيل فيها:
ولما نزلت هذه الآية جاءت حاملة فهرا (حجرا صغيرا) وقالت لأبي بكر والنبي بجانبه:
لأفعلن كذا وكذا بصاحبك لأنه هجاني وأنا أماثله بالشعر وأنشدت:
مذمما أبينا ... ودينه قلينا
وأمره عصينا
وقد أعمى الله بصرها عن رؤية محمد صلى الله عليه وسلم ولما سأله أبو بكر قال: حجبتني عنها الملائكة «فِي جِيدِها» عنقها «حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ٥» ليف كانت تنقل فيه