وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبّها فإنها من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها (أي من يحب حملا للمطلق على المقيد لأن الحديث الأول قيد التحدث بها لمن يحبه الرائي) وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنها من الشيطان فليستعذ بالله من الشيطان ومن شرها، أي ويفعل كما فعل بالحديث السابق ولا يذكرها فإنها لا تضره. وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال إن رسول صلى الله عليه وسلم قال إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثا وليتحول عن جنبه الذي كان عليه. لم نعرف نحن مدخلية البصق على اليسار والتحول عن الجنب الذي كان عليه لكن القائل يعرفه حق المعرفة لأنه لا ينطق عن هوى، فعلى العاقل أي يفعل ما أمره به نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم، فهو سبب السلامة من المكروه الذي يراه، كما أن الصدقة سبب للوقاية في المال والجسم ودفع البلاء وأخرج الترمذي وأبو داود عن أبي ذر العقيلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا المؤمن جزء من أربعين جزءا من النبوة. وفي رواية من ستة وأربعين وهي على رجل طائر ما لم تعبّر، فإذا عبرت وقعت ولا نقصها إلا على وادّ وذي رأى.
وهذه الرؤيا التي تحتمل وجودها، فإذا عبر بأحدها وقع والله أعلم. وقدمنا أول الإسراء في ج ١ والآية ١٤٢ في الأعراف في ج ١ أيضا، وفي الآية ٩٤ من سورة يونس المارة ما يتعلق بهذا البحث فراجعه ترشد إلى المواقع المتعلقة في هذا البحث وفي رؤية الله عز وجل أيضا ونزيدك هنا إيضاحا، فاعلم رعاك الله ان حقيقة الرؤيا خلق الله في قلب المؤمن النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان، وجعلها علما على أمور أخرى يجعلها في ثاني الحال وهو يفعل ما يشاء لا يمنعه نوم ولا يقظة، وماهيتها عبارة عن ارتسام صورة المرأى وانتقاشها في مرآة القلب في النوم، فيحتفظ بها المؤمن بعد اليقظة، راجع الآية ٦٠ من سورة الإسراء في ج ١. واعلم ان الحواس ظاهرة وباطنة، فالظاهرة خمس:
السمع والبصر والشم والذوق واللمس، والباطنة خمس أيضا: المفكرة والذاكرة والحافظة والمخيلة والواهمة والحس المشترك، وتسمى هذه الحواس والحس المشترك