إلى هيت لك، أو أنها في الأصل كلمة عربية وافقت العبرانية كما وافقت لغة العرب لغة الروم في القسطاس، ولغة العرب لغة الفرس بالتنور، ولغة العرب لغة الترك في الغسّاق، ولغة العرب لعة الحبشة في ناشئة الليل من باب توارد اللغات، وقد مر لك تحقيق هذا وغيره من الكلمات المقول فيها أنها أجنبية مفصلا في الآية ١٨٢ من سورة الشعراء في ج ١، وقرىء هيئت لك بالهمز، أي تهيأت، وهو اسم فعل مبني على الفتح كأين، وما قيل إنها سريانية أو قبطية أقوال لا مستند لها إلا استعمالها، وإن استعمالها في اللغات الأخرى لا يدل على أنها منها دلالة قطعية، لأن اللغات متداخلة بعضها في بعض، والأحسن أن يقال عربية استعملها الغير كما أوضحناه هناك. ولما سمع عليه السلام منها ذلك ورأى عزمها عليه من حالها وتعليق الأبواب عليه ولا محل للهرب منها، صدّ عنها وولاها ظهره وصارحها بقوله «قالَ مَعاذَ اللَّهِ» اعتصم به وألجأ إليه ممّا دعوتني إليه وتريدينه مني «إِنَّهُ» زوجك العزيز «رَبِّي» ربّاني تربية حسنة وأكرمني و «أَحْسَنَ مَثْوايَ» عنده وأمرك بإكرامي، وقد عظمت منزلتي عنده وجلّ مقامي لديه وفوضني القضاء بين الناس قصدا لعلو شأني عندهم، وأنت زوجته ولك من الحق عليّ مثل ما له، فإن خنته فيك فأنا ظالم من وجهين لإقدامي على ما هو محرم وخيانتي لمن له فضل علي لأني عشت بنعمته «إِنَّهُ» أستعيذ به وألجأ إليه هو الله ربي وربك ورب العالم أجمع «لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ٢٣» عنده ولا يفرزون بالنجاح لديه والزناة يؤوبون إليه بخسران سعادة الدنيا والآخرة. وهذا منه عليه السلام اجتناب ما وراءه اجتناب وامتناع ما بعده امتناع، لأنه قد علله من جهات أولا أنه منكر فاحش يجب أن يعاذ منه بالله ويلجأ إليه بالخلاص من قربانه لما علم بتعليم الله إياه من قبحة وسوء عاقبته، ثانيا أن زوجها سيده وقد أحسن إليه وأوصاها بإكرامه فكيف يمكن أن يسيء إليه بالخيانة، وهو سبب ظاهري ذكره لها علّه أن يؤثر فيها وتتأثر منه فتردع وتزجر نفسها مما سولت لها به، ثالثا أن من يفعل هذا الفعل الخبيث يكون ظالما محروم الظفر بالبغية الطيبة والسعادة ورفاه العيش في الدنيا والآخرة. وأن إجابة طلبها في غاية الخسة ونهاية الرذالة تجاه من يتعاهده بالخير ويعطف عليه، وكل هذا