للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرده الإتيان بالسكاكين لعدم الحاجة إليها فيه، وقال بعضهم إنه نفس الأكل إذ يقال اتكأنا عند فلان، أي أكلنا عنده، وعليه قول جميل:

فظلنا بنعمة واتكأنا ... وشربنا الحلال من قلله

وعلى هذا فقد اختلف في نوعه هل كان لحما أو ورقا ملفوفا بجبين أو بلحم أو بلوز، وشبهه من الحلويات التي تقص بالسكين وتؤكل بالشوكة، ولكن الأول أولى وأليق بالمقام، لأن ما يقدم للزائرين عادة فاكهة أو حلو مقطع ناسف لا طعام.

ثم تركنهن حتى باشرن بتقشيره وأشغلتهن به وكانت قد ألبست يوسف عليه السلام من الديباج الأبيض، لأن الجميل أحسن ما يكون في البياض صيفا والسواد شتاء كما قيل:

إذا لبس البياض حسبت بدرا ... وإن ليس السواد سبى العبادا

والتفتت إليه بما يتنبهن له «وَقالَتِ اخْرُجْ» للسلام «عَلَيْهِنَّ» فخرج، فإذا هو كالبدر ليلة تمامه «فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ» أعظمته بأعينهن ودهشن لما هو عليه من الحسن والجمال المزينين بحلل الكمال، قالوا إنه كان يشبه آدم عليه السلام حين خلقه ربه قبل أكله من الشجرة وإهباطه للأرض، وجاء في الحديث إن الله خلق آدم على صورته، وفي رواية على صورة الرحمن وناهيك بذلك، وما قيل إن أكبرن بمعنى حضن بالاستناد لقول القائل:

يأتي النساء على أطهارهن ولا ... يأتي النساء إذا أكبرن إكبارا

أي حضن فقد أنكره أبو عبيده وقال لا نعرف ذلك في اللغة، والبيت مصنوع مختلق لا يعرفه العلماء بالشعر. ونقل مثل هذا عن الطبري وابن عطية، وقد أخرج رواية أكبرن بمعنى حضن جرير وابن المنذر من طريق عبد الصمد عن ابن عباس، وهو أي عبد الصمد وإن كان روى ذلك عن أبيه علي عن أبيه ابن عباس، فلا يعول عليه لقولهم إنه عليه الرحمة ليس من رواة العلم. وقال الكميت إن أكبرن بمعنى أمنين، ولعل الكلام فيه كالكلام في الذي قبله، نعم له أصل في اللغة إذ قال المتنبي:

خف الله واستر ذا الجمال ببرقع ... إذا لحت حاضت في الخدور العواتق

<<  <  ج: ص:  >  >>