إلا أنه لا دليل على ذلك، لأنه قال حاضت ولم يقل أكبرت أو أمنت، ولا يبعد أن تحيض أو تمني المرأة إذا اشتد شبقها، وكذلك الرجل قد يمني بمجرد النظر إلى المرأة، ولكن ما في الآية لا يراد منه ذلك، على أنه لو فرض مجيء أكبرن بمعنى حضن فهو لازم لا يتعدى إلى المفعول به لأنه من الطبائع والنعوت، وكل ما كان كذلك فهو لازم، وما في الآية متعد، فيكون بمعنى أعظم المتعدى كما جرينا عليه، والله أعلم. «وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ» بدلا من الأترج لفرط دهشنهن بطلعته وخروج جوارحهن عن منهاج الاختيار، حتى أنهن لم يحسسن بالألم لا نشغالهن بالنظر إليه «وَقُلْنَ» بلسان واحد تعجبا من قدرة الله الكاملة على صنع ذلك القوام الرائع والحسن البديع «حاشَ لِلَّهِ» بالألف وإسقاطها وهو حرف وضع للاستثناء والتنزيه والتبعد معا، ثم نقل وجعل اسما بمعنى التنزيه وتجرد عن معنى الاستثناء، ولم ينون مراعاة لأصل المنقول عنه، وكثيرا ما يراعون ذلك فيقولون جلست من على يمينه فيجعلون على اسما ولم يعربوه، وكذلك عن في جلست من عن يساره ومن في غدت من عليه، ولم يثبتوا ألف على مع المضمر كما أثبتوا ألف فتى في فتاة، كل ذلك مراعاة للأصل، وقال ابن الحاجب إن (حاشَ لِلَّهِ) اسم فعل بمعنى برىء الله تعالى من السوء وليس بشيء، لأن الحرف لا يكون اسما إلا إذا نقل وسمي به وجعل علما، فجينئذ تجوز فيه الحكاية والإعراب وفيه أقوال كثيرة أعرضنا عنها خشية الإطالة والملالة، ولا طائل تحتها، على أن الذي يعلل الكلمات يرى الكل جائزا بحسب وسعته في اللغة، كما ان الذي له وقوف على العربية لا يكاد يغلط أحدا، إذ يرى لكل وجهة، وغير خاف أن وجوه الإعراب كثيرة ولغات العرب فيها أكثر، أي أن الذي ذكروه لنا بأنه عبد اغترت به زوجة العزيز ما هو عبد بل «ما هذا بَشَراً» أيضا فضلا عن أنه ليس بعبد «إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ٣١» نفين عنه صفة البشرية لما هالهن من جماله، لأنهنن لم يرين بشرا بشبهه بالحسن وقوام الجوارح، وأثبتن له الملكية لما ركز في الطبائع أن لا شيء أحسن من الملك ولو لم يره أحد، كما ركز في