للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في السجن سبع سنين، والبضع ما بين الثلاثة والعشرة، روي أن أنسا قال أوحى الله إلى يوسف من استنقذك من القتل حين همّ إخوتك أن يقتلوك؟ قال أنت يا رب، قال من استنقذك من الجب إذ ألقوك فيه؟ قال أنت يا رب، قال فمن استنقذك من المرأة إذ همت بك؟ قال أنت يا رب، قال فما بالك نسيتني وذكرت آدميا غيري؟

قال يا رب كلمة تكلم بها لساني، قال وعزتي وجلالي لأدخلنك في السجن بضع سنين.

وروي عن الحسن أنه قال: قال صلّى الله عليه وسلم رحم الله يوسف لولا كلمته التي قالها أي (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ولما لبث في السجن ما لبث. ويستدل من قول يوسف عليه أن الاستعانة بالعباد لقضاء الحوائج جائزة لقوله تعالى (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) الآية ٣ من سورة المائدة في ج ٣ وقال صلّى الله عليه وسلم: اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء.

وقال عليه الصلاة والسلام أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغها، فمن أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة. وقال تعالى (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) الآية ٨٥ من سورة النساء في ج ٣، إلا أن هذا يختلف باختلاف الأشخاص، والأليق بمقام الأنبياء تركه لأنفسهم والأخذ بالعزيمة، وهكذا جرت عليه عادتهم، قالوا إن جبريل عليه السلام دخل على يوسف في السجن وعاتبه على كلمته تلك. وإن من يتمسك بهذه الأخبار استدل على عود الضمير من أنساه إلى يوسف لا إلى الساقي كما ذكرناه آنفا، ووكلنا علمه إلى الله تبرئة لساحة الأنبياء عما لا ينبغي، ولم نجزم به لأنا لسنا من أهل الترجيح.

هذا ولما أراد الله تعالى إخراج يوسف من السجن أرى ملك مصر الأكبر رؤيا عجيبة، وهي ما قصها الله تعالى بقوله «وَقالَ الْمَلِكُ» الريّان بن الوليد لمن عنده من السّحرة والكهنة والمنجمين والمعبّرين «إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ» هزال ضعاف من البقر «وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ» سبع أيضا «يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ» هذه لأنها هالتني وإني لمتخوف منها «إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ ٤٣» تفسرون سمي المفسر معبرا لأنه يعبر من أول الرؤيا إلى آخرها ليستخرج المعنى المراد منها، والتعبير خاص في هذا، أما التأويل فعام فيه وفي غيره. راجع بحثه في المقدمة ج ١ «قالُوا» السحرة وأمثالهم أشراف

<<  <  ج: ص:  >  >>