في العرب وغيرهم ممن خالطهم، بارك الله فيهم، وأدام الكرام وأسبل عليهم ستره ونشر عليهم خيره، ودرّ عليهم من بركاته ووفقهم لما يحبه ويرضاه. وهنا بحث آخر وهو أنه عليه السلام طلب الوفاة قال قتادة لم يسأل نبي من الأنبياء الوفاة غير يوسف عليه السلام، وأنه توفى بعد هذا التمني بسبعة أيام، وذلك لأنه بعد أن تم له ملك مضر وحواليها وبلغ كل ما تمناه البشر الكامل لا سيما بعد جمع شمله مع أبيه وأهله، وهو يعلم أن مصير الدنيا بما فيها إلى الفناء لا محالة، ولو عمر ما عمر تاقت نفسه الطاهرة إلى الملك الدائم بجوار ربه الكريم، ولا يبعد بالرجل الكامل أن يتمنى ذلك رغبة بالنعيم الذي لا يزول، ولا يمنع من هذا قوله صلّى الله عليه وسلم لا يتمنى أحدكم الموت لأمر نزل به، وفي رواية لا تمنوا الموت فإن هول المطلع عظيم وان من سعادة المرء أن يطول عمره ويحسن عمله، وعليه فإن الموت عند وجود الضرر ونزول البلاء مكروه، والصبر عليه أولى، لأنه عليه السلام لم يتمنّه إبان شدته عند ما كان في الجبّ أو السجن، بل تمنّاه بعد ما تم له كل شيء تتوق النفس إليه، وفيه معنى آخر وهو محبة لقاء الله تعالى، فقد روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه. وقد تمناه إلياس عليه السلام كما سيأتي في قصته في الآية ١٢٣ من الصافات الآتية، وروى البخاري في صحيحه حديث عدم تمني الموت، وهو تمناه رضي الله عنه، وذلك أن أهل بلدته اختلفوا فيما بينهم حينما رجع إلى بلده بعد غيابه عنها بسبب طلب العلم، فكان منهم من يريد دخوله، ومنهم من لا يريده، ولما رأى خلافهم يؤدي إلى المقاتلة فيما بينهم، ويسبب موت بعضهم، تمنى الموت، فتوفاه الله حالا خشية حصول الفتنة، والإفساد بين أهل بلدته، وهذا لا بأس به أيضا، لهذه الغاية، أما تمنيه للفاقة والفقر وما ضاهاها من البلاء فلا يجوز، إذ عليه أن يلجأ إلى الله وينقي محارمه ونواهيه، ويسأله الفرج، قال تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) ولو تأمل هذه الآية ٤ من سورة الطلاق الذين ينتحرون والعياذ بالله لضيق ذات يدهم أو لأمر آخر داهمهم أو لمرض مزمن ألم بهم لما انتحروا وعجلوا بأنفسهم إلى النار،