إن حزنا في ساعة الموت أضعا ... ف سرور في ساعة الميلاد
فاتق الله أيها الإنسان وارض بما قسم الله لك، واحسن يحسن الله إليك. قال تعالى «ذلِكَ» الذي ذكرناه لك يا أكرم الرسل من هذه القصة البديعة «مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ» الذي «نُوحِيهِ إِلَيْكَ» كأمثاله من الأخبار والقصص الأخرى الماضية والآتية، «ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ» أي أولاد يعقوب عليهم السلام فيما فعلوا أخيهم ما فعلوا «إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ» على إلقائه في الجبّ بعد إرادة قتله «وَهُمْ يَمْكُرُونَ ١٠٢» به إذ احتالوا عليه وعلى أبيهم لأخذه معهم إلى المرعى كي يمكروا به كما صوروه بينهم، وإنما أخبرناك بتفصيل هذه الحادثة لتخبر بها قومك والسائلين عنها فيتحققوا أنها بإخبار الله تعالى إياك، لا كما يزعمون أنك تلقيتها من الغير سماعا أو تعليما، لأنك أمي وبينك وبينها قرون كثيرة، فلم يكن في زمنك من حضرها، وهذا آخر ما قصّ الله على نبيه من قصة يوسف ووفاته، وليعلم أنه لا يجوز أن يقال ما تقوله العامة (وليد ضاع ووجده أهله) لما فيه من التصغير بحق هذه القصة وعدم المبالاة بشأنها، مع لزوم تعظيمها وإجلالها، لأن الله تعالى سماها أحسن القصص، كما لا يجوز أن يقال أنت أو هذه أقصر من سورة الكوثر، أو هذا ما عنده شيء كالسماء والطارق، أو هذا فارغ كفؤاد أم موسى، إلى غير ذلك لما علمت من وجوب الأدب والاحترام لكلام الله، وإن أقصر آية منه لها معان عظيمة يكل أكبر عالم عن الإحاطة بها «وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ» وبالغت في الجهد على أن يؤمنوا بك فما هم «بِمُؤْمِنِينَ ١٠٣» بك أنك مرسل من لدنا لأنهم مصرون على الكفر والعناد مهما بالغت بالحرص على إيمانهم، «وَما تَسْئَلُهُمْ» أي كفرة قومك «عَلَيْهِ» على تعليم هذا القرآن أو قبول ما فيه أو الإصغاء لأخباره وأحكامه «مِنْ أَجْرٍ» يثفلهم إعطاؤه ليتهموك بأنك إنما تتلو عليهم لطمع نفسي مادّي مما يكن في صدورهم الخبيثة «إِنْ هُوَ» ما هذا القرآن «إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ١٠٤» تذكرهم به مجانا، وتنصحهم وتعظهم لعلهم يرجعون عن عنادهم، فيتذكرون ما ينفعهم ويضرهم، وهذا تسلية لحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم إذ أنه بعد أن أخبرهم بهذه القصة التي وعدوه أنهم يؤمنوا به إذا