الإله الواحد الذي يلجأ إليه في المهمات وتعبدوا غيره حال الرخاء وهو جماد أو حيوان مخلوق لله لا يتمكن من عمل شيء أما بكم من عقل يمنعكم من هذا أما تعتبرون بمن مضى قبلكم «وَ» أنت يا أكمل الرسل لا تجزع لما ترى منهم «لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ» رسلا كثيرة فخالفوهم وكذبوهم وآذوهم أقوامهم مثل ما فعلت بك عشيرتك وأمتك وقد أمهلناهم ختى انقضى الأجل المضروب لهم فأصروا على كفرهم ولم يؤمنوا «فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ» الفاقة والشدة والسوء «وَالضَّرَّاءِ» نقص الأموال والأنفس والثمرات والأولاد «لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ٤٢» لنا ويخضعون لأوامر رسلنا ويتذللون فيتوبون فنعفو عنهم ولكنهم لم يفعلوا «فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا» لنا لعلنا تكشفه عنهم كما كشفناه عن قوم يونس راجع الآية ٩٨ من سورة يونس المارة «وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ» فلم يتضرعوا لنا عنادا هذا على أن لولا هنا نافية كما هي في الآية المذكورة من سورة يونس المارة إلا أن الجمهور على أنها أداة تحضيض بمعنى هلا كما في أكثر المواضع، وحملوا المغني على التوبيخ والتنديم وهو يفيد عدم الشرك وعدم الوقوع بدليل أداة الاستدراك تدبر «وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ٤٣ فأعجبتهم صنايع كفرهم ومعاصيهم وقدمنا ما يتعلق بهذا في الآية ٣٨ من سورة الحجر فراجعها «فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ» ولم يتعظوا بما أصابهم لكثافة الرّين الذي على قلوبهم وطبقات الصّدأ «فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ» من السعة والرخاء والصحة والسلامة والحياة والرياسة بدل الفقر والشدة ونقص الأموال والثمرات والذل والمهانة لنستدرجهم «حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا» من الخيرات والقوة والسلطان وظنوا أن ما كان بهم لم يكن للانتقام بل للسعادة والرضاء «أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً» فجأة وهم على أحسن حال يتمنونه لتشتد حسرتهم ويتضاعف ندمهم على ما تركوا من اللذات والشهوات لأنهم لو أخذوا حال الضيق لهان عليهم الأمر لأن كثيرا من المبتلين يتمنون الموت ليتخلصوا من بؤسهم وقد قال قائلهم:
ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا الحال مما لا خير فيه
ولا تجد أحدا من المنعمين يريده بل أكره ما عليهم ذكره «فَإِذا هُمْ