خلقها، فيا سيد الرسل «انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ» ونكررها لهم ليستدلوا بها معالم التوحيد وآثار النبوة وعلائم الآخرة «ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ٤٦» يصدّون ويعرضون ويميلون عنها، قال أبو سفيان عليه السلام في هذا المعنى:
عجبت لحكم الله فينا وقد بدا ... له صدفنا عن كل حق منزّل
أي أنه يتعجب كيف رحمهم الله وأخر عذابهم إلى أن وفقوا إلى التوبة والإيمان مع شدة إعراضهم عنه فيكون صدف هنا بمعنى أعرض وبمعنى مال وأصل الصدف الجانب والناحية ومنه الصدفة وتطلق على البناء المرتفع وجاء في الخبر أنه صلى الله عليه وسلم مرّ بصدف مائل (أي بناء عال مائل) فأسرع ثم بكّتهم ثالثا بقوله عز قوله «قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً» عيانا أو خفية ليلا أو نهارا «هَلْ يُهْلَكُ» فيه أحد هلاك خسارة وحرمان «إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ ٤٧» أنفسهم وغيرهم بسبب كفرهم وطغيانهم وبغيهم كلا لا يهلك غيرهم.
مطلب من هلك بسائق غيره لا يعذب وتبرؤ حضرة الرسول من قول قومه وقوله تعالى (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ) إلخ:
أما إذا كان الهلاك عاما وهلك فيه غير الظالم فإن هلاكه هذا بسائق غيره فلا يعد خسارة عليه وحرمانا بل إن الله تعالى يكافئه في الآخرة خيرا على عمله وخيرا على هلاكه كما أنه يجازي المضل على ضلاله وإضلاله غيره راجع الآية ٢٥ من سورة الأنفال في ج ٣ والآية ٨٨ من سورة النحل الآتية، «وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ» المؤمنين بالثواب «وَمُنْذِرِينَ» الكافرين بالعقاب «فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ» عمله بعد إيمانه «فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ» حين يخاف الناس «وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ٤٨» إذا حزنوا بل الأمن لهم والبشرى في الدنيا والآخرة «وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا» في الدنيا وأصروا على تكذيبهم حتى هلكوا فهؤلاء «يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ» بالآخرة حتما سواء سلموا من عذاب الدنيا أو عذبوا فيها جزاء «بِما كانُوا يَفْسُقُونَ» ٤٩ يخرجون عن الطاعة «قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ» أجري عليكم منها ما تريدون «وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ» لأخبركم بما تقترحون أيكون أم لا «وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي