الصحيح بالعافية والراحة، والوضيع يرى مرح الشريف وكبير جاهه وان الأشراف والأغنياء والمعافين يرون تقدم أولئك عليهم عند الأنبياء بسبب إسلامهم وإيمانهم وهم يأنفون مجالستهم فيمتنعون من الإيمان فيبقون مفتتنين ببعضهم وانهم «لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» بالإيمان والقرب من الرسل «مِنْ بَيْنِنا» ونحن أفضل منهم وأقدم وأحسن لأنهم لا مكانة لهم ولا مال ولا حسب وهذا اعتراض على الله ولذلك رد عليهم بقوله عزّ قوله «أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ٥٣» نعمه من خلقه بلى هو أعلم بذلك، واعلم أن سبب المنة عليهم شكرهم وسبب حرمان الآخرين كفرهم وما منعهم أن يكونوا مثلهم إلا عدم إيمانهم بالله وعدم شكرهم أفضاله عليهم إذ صرفوا جوارحهم إلى ما لم تخلق لها، ثم إن الله أمر رسوله بإكرام المؤمنين مهما كانوا فقراء أو ضعفاء أو مرضاء بقوله جل قوله «وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا» أمثال أولئك المذكورين في الآية السابقة المتطهرين بالإيمان بنا لأنهم مؤمنون حقا «فَقُلْ» لهم يا سيد الرسل على رغم أنف أولئك المتطاولين بنعمتنا عليهم «سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» لكم أي بشرهم بقبولهم عند الله وعدهم برحمته وعدا مؤكدا لأن كتب بمعنى وجب وهو لا وجوب عليه وإنما قال كتب لزيادة التأكيد برحمتهم تفضلا منه وقل لهم يقول الله تبارك وتعالى «أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ» أيها المؤمنون «سُوءاً» ذنبا «بِجَهالَةٍ» به عن غير قصد ولا يعلم ما ينشأ عنه من المضرة وما ينتج عن فعله «ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ» نفسه وتباعد عن اقتراف مثله «فَأَنَّهُ غَفُورٌ» ستار له لا يفضحه به في الدنيا ولا يعاقبه في الآخرة «رَحِيمٌ ٥٤» بعباده التائبين لأن الذنب مهما كان إذا لم يكن تعمدا أو مضرا بالغير فهو للرحمة قريب وللعفو عنه أقرب، وسبب نزول هذه الآيات من وأنذر ألى هنا ما روي عن سعد ابن أبي وقاص قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ستة نفر فقال المشركون للنبي صلّى الله عليه وسلم اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا قال وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان نسيت اسمهما فوقع في نفس رسول الله ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله عليه ولا تطرد إلخ الآيات أخرجه مسلم. وجاء عن عكرمة وابن مسعود