يرى، وهذا هو السر من الإظهار بمقام الإضمار، وقيل المراد إن كل عين لا ترى نفسها وهو كذلك ولكن هذا ليس مرادا هنا «وَهُوَ اللَّطِيفُ» العالم بدقائق الأمور ومشكلاتها، الرفيق بعباده، وهو عائد إلى الجملة الأولى، لأنه يناسب كونه غير مدرك «الْخَبِيرُ ١٠٣» العالم بظواهر الأمور وخفياتها وهو عائد إلى الجملة الثانية لأنه يناسب كونه مدركا بكسر الراء على اللف والنشر المرتب، وفي هذه الآية إشارة لرؤية الله في الآخرة لا نفيها كما استدلت به المعتزلة، لأنه جل شأنه قد تمدح على عباده بذلك على طريق الإعجاز فلو لم يكن جائز الرؤية لما كان هذا التمدح واقعا لأن المعدوم لا يتمدح به ولا يلزم من عدم الرؤية مدح، ولو لم يكن جائز الرؤية لما سألها موسى عليه السلام إذ مثله لا يسأل عما لا يجوز، ويدل على جوازها تعليق الله جلت عظمته الرؤية على استقرار الجبل واستقراره جائز والمعلق على الجائز جائز، وهذا إثبات جواز الرؤية من حيث العقل ويدل عليها من الكتاب قوله تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) الآية ٢٣ من سورة القيامة المارة في ج ١، وقوله تعالى في حق الكفار (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) الآية ١٦ من سورة المطففين الآتية إذ يفهم أن المؤمنين غير محجوبين عنه، قال الإمام مالك: لو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعبر تبارك وتعالى عن الكفار بالحجاب، وقد أجمع المفسرون على أن كلمة وزيادة وقوله تعالى (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) الآية ٢٦ من سورة يونس المارة هي رؤية الله تعالى، ومما يدل عليها من السنة كثير صحيح قدمناه في الآية ١٧ من سورة والنجم والآية ١٣ من سورة القيامة والآية ١١٤ من سورة الأعراف المارات في ج ١، أما ما تمسك به أهل البدع والأهواء والمرجئة من أنه تعالى مستحيل الرؤيا احتجاجا بمطلع هذه الآية ولأن الإدراك فيها عبارة عن الرؤية لا عدم الإحاطة كما درجت عليه أهل السنة والجماعة إذ لا فرق عندهم بين أدركته ورأيته وهو خطأ صريح، لأن الإدراك الإحاطة بكنه الشيء وحقيقية الرؤية معاينة الشيء ومشاهدته لأنها قد تكون بغير إدراك، قال تعالى في قصة أصحاب موسى (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) قالَ (كَلَّا) الآية ٦٢ من سورة الشعراء المارة في ج ١، وكان قوم فرعون رأوا قوم موسى إلا أنهم