لأن إسلام النبي متقدم على إسلام أمته وقومه، وإن هذه الآية دليل على أن جميع العبادات يجب أن تؤدي على وجه التمام والكمال، لأن ما كان لله لا ينبغي إلا أن يكون كاملا تاما مع إخلاص ليكون مقبولا عند الله، ولذلك أمر رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يصرح بذلك ويقول إن حياته لله فهو يملكها، وما كان لله فينبغي أن يقضيها في عبادته وموته لله على الإيمان الكامل به، ليكون حياته حياة طيّبة ومماته ميتة طيبة ولا يقبل الله إلا الطيب «قُلْ» يا أكرم الرسل لمن يريد أن توافقه على طريقه المعوج ويريدك على عبادة الصنم الذي اتخذه ربا وهو جماد لا يعقل «أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ» مربي ومالك ومدبر «كُلِّ شَيْءٍ» وسيده لا يشاركه في ربوبيته أحد وهو الواحد في ذاته المنفرد في ألوهيته المختص بصفاته، وأنت يا حببي بعد أن أبلغتهم ما أمرت به لا يهمك شأنهم وعدم قبولهم، فدغهم يكون وبالهم عليهم «وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ» من الأوزار «إِلَّا عَلَيْها» إثمه وعقابه كما أن ما تكسبه من الخير يكون لها أجره وثوابه، قال ابن عباس: كان الوليد بن المغيرة يقول لكفار مكة اتبعوا سبيلي أحمل عنكم أوزاركم، كما أشار الله إليه في قوله (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) الآية ١٢ من سورة العنكبوت الآتية فأكذبه الله تعالى بما أنزله في هذه الآية بقوله «وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» وهذه الآية مكررة في الآية ٣٨ من سورة والنجم والآية ٣٨ من سورة فاطر والآية ٨٨ من سورة الإسراء المارات في ج ١ والآية ٧ من سورة الزمر الآتية، أي لا يؤاخذ أحد بذنب غيره عما يرتكبه في هذه الدنيا بل يكون هو نفسه رهين بما كسب ضمين لما اقترف، قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) الآية ٢٠ من سورة المدثر المارة في ج ١، وسيتبين لكم يوم القيامة المحق من المبطل والمضل من المهتدي عند ما يصدر أمره المطاع وهو قوله جل قوله (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) الآية ٦٠ من سورة يس المارة، ولهذا يقول الله تعالى «ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ» في الآخرة «فَيُنَبِّئُكُمْ» في الموقف على رؤوس الأشهاد «بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ١٦٤» من الأديان
وغيرها وما كنتم تتفرقون من أجله ويتعصب بعضكم لبعض في غير الحق ويجازي كلا يحسبه