ويدخل المؤمن الجنة والكافر النار، قال تعالى «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ» لمن قبلكم من الأمم في «الْأَرْضِ» لأنكم آخر الأمم ورسولكم خاتم الرسل «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ» في المال والجاه والعقل والخلق والقوة والفضل والولد والرزق والشرف «دَرَجاتٍ» كثيرة وجعل بينكم تفاوتا عظيما كما بين العالم والجاهل والحسن والقبيح والشريف والوضيع والغني والفقير والمريض والصحيح، وهو قادر على أن يجعلكم متساوين في ذلك كله، ولكن فعل ما فعل بمقتضى الحكمة «لِيَبْلُوَكُمْ» يختبركم ويمتحنكم «فِي ما آتاكُمْ» من ذلك وليظهر للناس هل يصرفونه في طرق الخير شكرا لنعمته أو تضيعونه في الشر كفرا لربوبيته ليطلعوا على مناقبكم ومثالبكم حتى يصفوكم بالمزايا أو الرذائل، وإلا فالله تعالى عالم بكم وبما وقع منكم ولكن ليعلم الناس من منكم يحمد على الطاعة ويذم على المعصية، ومن يصرف نعم الله لما خلقت له ومن يضعها بغير موضعها فيكون الثواب والعقاب من الله على حسب أعمالكم ونياتكم في كل ما خولكم به، لأن الله لا يعجزه أن يجعلكم سواسية في الرزق وغيره ولا ينقص من جوده مثقال ذرة وإنما لم يفعل لما تقدم من الأسباب وليعرف الناس الصابر منكم من الجازع والشاكر من الكافر «إِنَّ رَبَّكَ» يا محمد «سَرِيعُ الْعِقابِ» لأعدائه في الدنيا والآخرة إذا أراد، وان ما ترونه من الإمهال فهو لحكمة قدرها في الأزل وان مقدوراته تعالى لا تغير عن أوقاتها ولا تبدل بغيرها «وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ» لذنوب أوليائه وأهل طاعته الشاكرين نعمه «رَحِيمٌ ١٦٥» بعباده أجمع، قال ابن عباس لما نزلت هذه السورة جملة (عدا الآيات المدنيات) ليلا بمكة وحولها سبعون ألف ملك قد سدوا ما بين الخافقين لهم زجيل بالتسبيح والتحميد، قال النبي صلى الله عليه وسلم سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم وخر ساجدا، قال البغوي: وروي عنه مرفوعا من قرأ سورة الأنعام صلى عليه أولئك السبعون ألف ملك ليله ونهاره. وتسمى هذه السورة المشيعة وهكذا كل سورة وآية نزل معها ملائكة غير جبريل والحفظة الأربعة الذين ينزلون معه عند نزول كل آية وسورة شاهدين وحافظين كسورة يس وآية الكرسي وآية (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) الآية ٤٥ من سورة الزخرف الآتية، وما لم ينزل