فصار إنسيا ملكيا أرضيا سماويا وكأنه لهذه الحكاية قال بعض المفسرين إنه إدريس عليه السلام لما أشار إليه في الآية ٥٧ من سورة مريم بقوله (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) في ج ١، مع أن إدريس كان رفعه على غير هذه الصورة راجع قصته في الآية المذكورة، على أن القصص كلها ما لم تستند إلى آية أو حديث لا عبرة بها.
هذا، وقد سلط الله على الملك المرتد وقومه عدوا لهم فأرهقهم وقتل الملك وزوجته ارببل في الجنة التي غصبتها كما أخبرهم نبيهم الياس، وقد نبأ الله اليسع وبعثه إليهم فآمنوا به، قال تعالى «وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ١٣٣» من قبل إلى طائفة من عبادنا فتغلبوا عليه وأرادوا البطش بأضيافه فاذكر يا محمد لقومك «إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ١٣٤» من الإهلاك الذي حل بقومه «إِلَّا عَجُوزاً» هي زوجته واعلة لأنها على دين قومه وليست من عشيرته لأنه غريب عنهم كما تقدم راجع الآية ٧٨ من سورة هود المارة وتطلع على تفصيل قصته في الآية ٧٩ من سورة الأعراف في ج ١ «فِي الْغابِرِينَ ١٣٥» الباقين في العذاب «ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ
١٣٦» تدميرا فظيعا فلم نبق منهم أحدا «وَإِنَّكُمْ»
يا أهل مكة «لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ»
عند ما تسافرون إلى الشام «مُصْبِحِينَ
١٣٧» نهارا «وَبِاللَّيْلِ»
أيضا إذ ترون منازلهم وآثار أطلالهم بذهابكم وإيابكم صباح مساء «أَفَلا تَعْقِلُونَ
١٣٨» كيف كانوا وما حل بهم من العذاب حتى دمروا وأهلكوا بسبب كفرهم وتعندهم مع نبيهم فاتعظوا لئلا ينزل بكم ما نزل بهم من العذاب لأنكم متقمّصون بالأعمال السيئة التي أهلكوا من أجلها من الكفر والتكذيب والاستهزاء، ولو أنهم آمنوا بنبيهم وصدقوا بما جاءهم به لما أهلكوا، قال تعالى «وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
١٣٩» إلى أهل نينوى من قبل الله تعالى فدعاهم للإيمان فلم يقبلوا، واذكر لقومك قصته يا محمد «إِذْ أَبَقَ»
هرب من قومه حين رفع الله عنهم العذاب غضبا عليهم أو حين استبطأ نزوله بهم وقد نفذ الوقت الذي وعدهم به خوفا من أن يصموه بالكذب فقر منهم «إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
١٤٠» المملوء، قالوا لما وصل إلى البحر كان معه زوجته وولداه فجاء المركب فقدم امرأته ليركب بعدها فحال بينهما الموج وذهب المركب وتركه وجاءت موجة أخرى فأخذت ابنه الأكبر، ثم جاء ذئب وأخذ