الرد عليهم: إن في الآية المستدل بها توزيعا وكيفيته أن قوله تعالى (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) ناظر إلى الارتداد في الدين، وقوله (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) إلخ ناظر إلى الموت على الكفر، وعليه فلا قيد فيها للآية التي نحن بصددها ليصح الاحتجاج بها متى حمل المطلق على المقيد، ومن هذا الخلاف نشأ الخلاف في الصحابي إذا ارتد ثم عاد إلى الإسلام بعد وفاة سيد الأنام أو قبلها إلا أنه لم يره هل يسلب عنه اسم الصحبة أم لا؟ فمن ذهب إلى الإطلاق قال لا، وهو ما عليه الحنفية، ومن ذهب إلى التقييد قال نعم، وهو ما عليه الشافعية. وليعلم أن هكذا خلافات وأمثالها بين الأئمة لا علاقة لها بأصول الدين المجمع عليها إذ لم يقع اختلاف ما قط في ذلك. أما ما يتعلق في الفروع فإن ما يقع من الاختلاف فيها عبارة عن اختلاف الرأي والاجتهاد، وهذا مما لا يخلو منه البشر في كل زمان ولا يضر بل يحصل من تصادم الأفكار وتحاكك الآراء فيه فوائد جلى ومنافع عظمى، لأنك إذا لم تقدح الزناد على الحصى لم تحصل النار «بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ٦٦» الدائبين على شكر النعم المتوالية عليك من ربك فيزيدك بها فضلا، قال تعالى «وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» ولا عظموه حق تعظيمه وما عرفوه حق معرفته حين دعوك قومك يا محمد إلى عبادة آلهتهم وأشركوا بالإله الواحد ما لا يستحق العبادة وجعلوا له بنين وبنات وهو منزه عن ذلك كله وكيف يكون هذا «وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ» بما فيها من جبال وأبحار وغيرها «وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ» بما فيها من كواكب وخلائق وغيرها «سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ٦٧» به من الأوثان، راجع الآية ٩١ من سورة الأنعام المارة تنبئك عما يتعلق في هذه الآية العظيمة المصورة لعظمة جلال الله والموقفة على كنه هيبته. والقبضة المرة الواحدة من القبض وهي المقدار المقبوض بالكف، مع العلم بأن هذه الآية مكية، وتلك التي بالأنعام مدنية. روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يطوي الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون، ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون. وفي رواية يقول