للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنعم الله عليهم «وَكانُوا بِآياتِنا» التي أريناهم إياها «يَجْحَدُونَ» ١٥ ويكذبون قدرتنا مع اعترافهم بها «فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً» عاصفا شديدا باردا له صوت قاصف، وهذا أحد أسماء رياح العذاب، وعاصف وقاصف وعقيم، ورياح الرحمة لها أربعة أسماء أيضا: ناشرات ومبشرات ومرسلات وذاريات، ويأتي في القرآن العظيم ذكر الريح غير الموصوف للعذاب، والرياح للرحمة، كما أن المطر للعذاب، والغيث للرحمة، وكان ذلك الريح الصرصر «فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ» نكدات مشؤومات مغيرات للنعم مكدرات للعبش، قالوا كان أولها يوم الأربعاء من صفر، وآخرها الأربعاء من آخره، قالوا وما أنزل الله عذابا إلا يوم الأربعاء، وقدمنا ما يتعلق في هذا في الآية ٢٠ من سورة القمر في ج ١ والآية ١٠٢ من سورة الصّافات والآية ٢٢ من سورة الحجر المارتين، وذكرنا أنه لا قباحة للأيام، وأن الشؤم والقباحة بعمل أهلها، قال الأصمعي:

إن الجديدين في طول اختلافهما ... لا يفسدان ولكن يفسد الناس

وقال الآخر:

نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيب سوانا

إلى أن قال: ولو نطق الزمان لقد هجانا راجع الآيتين ٦٢/ ٥١ من سورة الزمر المارة، ومنه تعلم أن النحس والسعد والصفاء والكدر بتقدير الله تعالى لا علاقة للأيام والنجوم والأمكنة وغيرها بذلك، واعلموا أيها الناس إنما أرسلنا عليهم هذا العذاب بالدنيا «لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ» بسبب استكبارهم فيها فيذلوا ويحتقروا «وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى» أشد إهانة وأكثر مهانة «وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ» ١٦ منه البتة وكل ما كان من الله لا رافع ولا مؤخر له.

قال تعالى «وَأَمَّا ثَمُودُ» قوم صالح «فَهَدَيْناهُمْ» ودللناهم على طريق النجاة بواسطة نبيهم «فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى» اختاروا الكفر على الإيمان بطوعهم ورضاهم سوقا ورغبة ولم يلتفتوا لدعوة نبيهم عليه السلام ونبذوا نصحه وإرشاده وراء ظهورهم «فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ» داهية وقارعة الذل والمهانة «بِما كانُوا يَكْسِبُونَ» ١٧ في الدنيا من إهانة نبيهم واحتقار

<<  <  ج: ص:  >  >>