للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحسبان بالنسبة للبقعة المغروزة فيه الآلة، وهذا إذا لم يطرأ على الجو ما يغير رطوبته، فإذا طرأ قد لا تمطر تدبر. «فَأَنْشَرْنا» أحيينا «بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ» مثل هذا الإحياء للأرض الميتة بالمطر «تُخْرَجُونَ» ١١ من قبوركم أحياء في الآخرة بعد موتكم في الدنيا «وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها» من ذوات الأرواح والنمو من بشر وحيوان وحوت وطير وحشرات ونبات هو ذلك الإله العظيم الذي خلق السموات والأرض «وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ» ١٢ عليه برا وبحرا وتحت الأرض والبحر وفي الخلاء «لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ» ما ظهر منه لجهة العلو وبطن الفلك بالنسبة للركوب فيه يسمى ظهرا لأن ظهرها طائف على الماء «ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ» على لطفه بكم وعطفه عليكم «إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ» أي الفلك أو ظهور الأنعام والدواب وغيرها من كل ما يركب، فيدخل فيه الطائرات والغواصات والسيارات على اختلاف أنواعها، وهذا الشكر واجب، لأنه بمقابل نعمة الركوب والتسخير، لأنها أقوى منكم سواء أكانت بنفسها أو بما يسيرها من ماء وهواء أو بخار أو قوة أخرى، ومن نعمته تذليلها فلولا تذليل الحيوان للإنسان ما استفاد منه شيئا لا ركبا ولا أكلا، راجع قوله تعالى (وَذَلَّلْناها لَهُمْ) الآية ٧٢ من سورة يس في ج ٢، والآية ٣٢ من سورة الشورى المارة لتعلم هذه النعمة العظيمة، وأنها تستحق الذكر والشكر، ولها صلة في الآية الأخيرة من سورة لقمان المارة أيضا، «وَتَقُولُوا» عند استواءكم على ما تركبونه شكرا لمسخره لكم «سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا» الفلك والأنعام والمراكب «وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ» ١٣ مطيقين وضابطين بسبب قوتها وصعوبتها والصعب القوي لا يكون قرينا للضعيف، ولولا نعمة الله علينا بتذليلها لما كان لنا أن نقرن هذه الدواب والفلك والمراكب والسيارات والطيارات وغيرها، لأنها أقوى منا، قال عمر بن معد يكرب:

لقد علم القبائل ما عقيل ... لنا في النائبات بمقرنينا

وقال ابن هرم:

وأقرنت ما حملتني ولقلّما ... يطاق احتمال الصدّ يا دعد والهجر

<<  <  ج: ص:  >  >>