بما يدل على أن قرن بمعنى طاق، ويقول الراكب أيضا «وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ» ١٤ في المعاد وآخر ما تركب عليه هو النعش، اللهم أحسن سيرنا إليك وأكرم وفادتنا عليك، روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجا للسفر حمد الله وسبح وكبر ثلاثا ثم قال سبحان الذي إلخ اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون سفرنا هذا وأطوعنا بغده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من عناء السفر (تعبه وشدته) وكآية المنظر وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد. وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون. قال تعالى «وَجَعَلُوا لَهُ» كفار قريش لذلك الإله العظيم مع إنعامه عليهم «مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً» نسبوه إليه وهو قولهم الملائكة بنات الله لأن الولد جزء من الوالد «إِنَّ الْإِنْسانَ» جنسه «لَكَفُورٌ مُبِينٌ» ١٥ مظهر جحوده لنعم الله بلا حياء ولا خجل. قال تعالى على طريق الاستفهام الإنكاري «أَمِ اتَّخَذَ» لنفسه «مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ» وأنتم أيها الكفرة تأنفون منهن «وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ» ١٦ منهم أي كيف يؤثركم على نفسه لأن من يقدر على الاتخاذ يتخذ لنفسه الأحسن فكيف يجدر بهم أن يقولوا هذا «وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا» من جنس البنات وآثر ذكر الرحمن إعلاما بأنه لولا سبق رحمته وسعتها لأهلكهم بهذا القول الذي لا يجوز نسبته له تعالى «ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا» صار مكفهرا من سوء ما بشر به «وَهُوَ كَظِيمٌ» ١٧ مملوء كربا وشدة حزن وغيظ وغم بحيث لا يكاد يتحمل أكثر مما هو فيه، قيل إن بعض العرب هجر زوجته لأنها جاءت ببنت فخاطبته بقولها:
ما لأبي حمزة لا يأتينا ... يظل في البيت الذي يلينا
غضبان أن لا نلد البنينا ... ليس لنا من أمرنا ماشينا
وإنما نأخذ ما أعطينا ... حكمة رب ذي اقتدار فينا
فلم يرد عليها لشدة غضبه. قال تعالى توبيخا لهؤلاء الكفرة «أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا» بالتشديد مبينا للمفعول وقرىء بالتخفيف وقرىء يناشأ بالمفعول أيضا بمعنى الإنشاء