كالمغالات بمعنى الاغلاء أي يتربّى «فِي الْحِلْيَةِ» الزينة يريد البنات لأنهن يزخرفن بالحليّ ليرغب فيهن أو باعتبار أنهن ناقصات، ولهذا احتجن للتزيين «وَهُوَ» جنس البنات «فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ» ١٨ لضعف حالهن وقلة عقولهن، أي ألا ينسبوا لله الولد الذكر القادر علي الخصومة والإتيان بالبرهان والحجة إذا كانوا لا بدّ ناسبين له تعالى ولدا، تعالى عن ذلك، أفضلوا أنفسهم عليه فجعلوا له البنت ولهم الولد، قاتلهم الله. وما قيل إن هذه الآية بالأصنام لأنهم كانوا يزينونها بالذهب والفضة، يبعده قوله (فِي الْخِصامِ) لأن الأصنام جامدة لا تخاصم ولا توصف بشيء من الأنانية، والكلام وارد على تقبيح قولهم، وانهم من عادتهم المناقضة في أقوالهم ورميهم القول بغير علم رجما بالغيب. وتشير هذه الآية على النشء في الزينة والنعومة بالعيش من المعايب والمذام، لأنه من صفات ربات الحجال فعلى الشهم أن يتباعد عن ذلك ويأنف عنه ويربأ بنفسه عن التشبه بهن ويعيش كما قال عمر رضي الله عنه: اخشوشنوا في اللباس واخشوشنوا في الطعام وتمعددوا، فإن الحاضرة لا تدوم، أي تزيّوا بزيّ خشن الطعام واللباس، لأن كلمة تمعددوا تأتي لثلاث معان: التزيّيّ بزيّ الغير، والبرء من المرض يقال تمعدد إذا برىء، والضعيف إذا أخذ بالسمن يقال له تمعدد أيضا كما في القاموس، والأول هو المنطبق على المعنى المراد والله أعلم. هذا، وإذا أراد أن يزين نفسه فليحلها بلباس التقوى قال تعالى (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) الآية ٢٦ من الأعراف في ج ١، وقال عليه السلام: ليس للمؤمن ان يذلّ نفسه، وإنما زينة الرجل الصبر على طاعة الله والتزين بزينة التقوى، وإن كان لا بد فاعلا ومقلدا غيره فليتزين بما أحلّ الله له من اللباس لا غير على أن لا يتشبه بما هو من خصائص النساء، لأن ذلك من التخنّث الذي تأباه مروءة المؤمن، وقد جمع الكفرة في مقالتهم هذه ثلاث كفرات:
نسبوا إلى الله الولد وهو كفر، ونسبوا إليه أخس النوعين وهو كفر مزدوج لما فيه من الإهانة بنسبة شيء لجلاله لا يرضونه لأنفسهم، وجعلوا هذه البنات المشئومات من الملائكة وهو كفر لاستخفافهم بالملائكة وتسميتهم إناثا وهم ليسوا بإناث بل هم جنس خاص لا يوصف بأنوثة ولا بذكورة، لذلك شنع الله عليهم بقوله عز قوله