للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها، فإن أراد أنها بنفسها تؤثر يكون كفرا، وإذا قال المؤثر هو الله وإنما اقتضت قدرته أن يكون إذا كان كذا كان كذا فلا بأس، وإن أطلق في هاتين المسألتين فمحل تردد لاحتمال الأمرين، والأولى أن يحمل على ما هو الأحسن في مثل هذا. وكانوا قبل الإسلام يستدون الإهلاك إلى الدهر إنكارا منهم لقبض الأرواح من قبل ملك الموت بإذن الله، وكذلك يستدون كافة الحوادث إليه لجهلهم أنها بتقدير الله تعالى، وهؤلاء بخلاف الدهرية لأنهم مع اسنادهم الوقائع إلى الدهر لا يقولون بوجوده تعالى، بل يقولون إن الدهر مستقل بالتأثير، أما هؤلاء فيعترفون بوجود الله. قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ... )

الآية ٩ من سورة الزخرف المارة، وهي مكررة كثيرا في القرآن «وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ» ٢٤ أي لا علم لهم ولا يقين فيما يقولونه، لأن مصدره الحسبان والميل إلى ما يشتهون من القول من غير موجب، وهذه الآية من أقوى الدلائل على أن القول من غير حجة أو بينة فاسد باطل، وإن متابعة الشك والوهم منكر. واعلم أن بعض العلماء أنكر قراءة أنا الدهر بضم الراء الوارد في حديث أبي داود المار ذكره بداعي لو كان صحيحا لكان من جملة أسمائه تعالى، ويرويه بفتح الراء ظرفا لأقلب، أي إني أقلب الليل والنهار الدهر، ولكن يردّه رواية مسلم (فإن الله هو الدهر) لذلك إن الجمهور على ضم الراء ولا يلزم أن يكون من أسمائه تعالى، لأنه جار على التجوز ولا مانع لأن الله تعالى له أسماء كثيرة لا يعلمها غيره وهذه التسعة والتسعون المشهورة هي أسماؤه الحسنى، راجع الآية ٨ من سورة طه في ج ١ تعلم أن أسماءه لا تحصى وأن لها مشتقات كثيرة، قال تعالى «وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ» واضحات لا تحتاج إلى تأويل أو تفسير لأنها ظاهرة «ما كانَ حُجَّتَهُمْ» بعدم قبولها والأخذ بها «إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا» الذي ماتوا قبلنا «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» ٢٥ أنت وأصحابك يا محمد بأن ربكم الله يحيي بعد الموت، فيا سيد الرسل «قُلِ» لهؤلاء الجهلة «اللَّهُ يُحْيِيكُمْ» من العدم ابتداء من نطفة ضعيفة ميتة «ثُمَّ يُمِيتُكُمْ» عند انقضاء آجالكم من الدنيا «ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ» أنتم ومن قبلكم ومن بعدكم

<<  <  ج: ص:  >  >>