للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا أمطرت السماء سرّي عنه (كشف وأزيل ما كان به من الغم) فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال لعله يا عائشة كما قال قوم عاد (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً) الآية.

وتمام القصة مبينة في الآية ٥٨ من سورة هود المارة فراجعها وما ترشدك إليه، قال تعالى «وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ» أي قوم عاد «فِيما» في شيء عظيم «إِنْ» نافية بمعنىّ ما أي ما «مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ» يا أهل مكة من قوة الأبدان وطول الأعمار وكثرة الأموال «وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً» يستعملونها فيما خلقت لها من النظر في آلاء الله ليفقهوا أمر دينه فصرفوها لغير ما خلقت لها من أمور الدنيا الصرفة «فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ» يحول دون ذلك العذاب لأنهم استعملوها في معصية الله، فكان وجودها نقمة لا نعمة «إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ» التي أظهرها على أيدي أنبيائهم «وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» ٢٦ أحاط بهم العذاب جزاء سخريتهم، وفي هذا تهديد لأهل مكة ووعيد كبير لما يجابهون به نبيهم، «وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى» بإهلاك أهلها كديار ثمود وقرى قوم لوط وحجر صالح وقرى عاد باليمن، وإنما خاطب أهل مكة بهذا لأنهم يرونها بأسفارهم وحلة الشتاء والصيف «وَصَرَّفْنَا» بينا وكررنا «الْآياتِ» الدالة على التوحيد والبعث والأوامر والنواهي «لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» ٢٧ إلى الإيمان بذلك، فلم يفعلوا وأصروا على كفرهم «فَلَوْلا» هلا «نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً» يتقربون بها إلى الله ليشفعوا لهم عنده فعبدوها من دونه. ألا عبدوا الله وحده كي ينصرهم ويخلصهم مما حل بهم «بَلْ ضَلُّوا» عن الطريق السوي فلم يتقربوا إليه وتقربوا إلى أوثانهم التي غابت «عَنْهُمْ» عند حلول العذاب بهم فلم ينتفعوا بهم «وَذلِكَ» قولهم إنها تقربهم إلى الله وتشفع لهم عنده هو «إِفْكُهُمْ» اختلاقهم الكذب «وَما كانُوا يَفْتَرُونَ» ٢٨ من البهت على الملائكة وعيسى وعزير من إسناد عبادتهم إليهم، إذ تبرءوا منهم وأنكروا عبادتهم لهم وعلمهم بهم أيضا، ولهذا فقد غشيهم العذاب ولم يجدوا من ينقذهم منه، ولو أنهم تعرفوا إلى الله وتقربوا له لنجاهم منه، ثم شرع جل شرعه

<<  <  ج: ص:  >  >>