لأنه كلما ذكر الله يخنس ويتأخر، ويطلق على المختفي لأنه عند الغفلة ينهض ويوسوس قال سعيد بن جبير: إذا ذكر الإنسان ربه خنس وتأخر وقد ورد في هذا المعنى أحاديث كثيرة ولم تنقل لعدم الوقوف على صحتها، وان كان معناها صحيحا. واعلم أن الوسوسة للانسان من الشيطان تأتيه لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) الآية ٢٠٠ من الأعراف الآتية وقال تعالى (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) الآية ٣٥ من الزخرف ج ٢، وبوصفه في قوله تعالى «الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ٥» بإلقاء كلام خفي في قلوبهم يصل مفهومه إليها من غير سماع ولا مانع عقلا في ذلك، لما جاء في الحديث الصحيح أن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم، وأخرج ابن شاهين عن أنس قال سمعت رسول الله يقول: إن للوسواس خطما كخطم الطائر فاذا غفل ابن آدم وضع ذلك المنقار في أذن القلب يوسوس فإن ذكر الله نكص وخنس فلذلك سمى الوسواس الخناس وهو قد يكون «مِنَ الْجِنَّةِ» الأشخاص المتسترين عن أبصار الخلق وهم المعنيون بقوله تعالى (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ» الآية ٤٦ من سورة الأعراف الآتية «و» يكون من «النَّاسِ ٦» ويفعل فعل الجنّة وأكثر لأن وسوسة الناس بعضهم لبعض مشاهدة بمثابة الناصحين فاذا قبل منه زاد في الوسوسة وإذا كره أمسك عنه وجاءه من طريق آخر قال تعالى (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) الآية ١١٣ من الانعام في ج ٢ فقد قدم الأنس على الجن وأمر بالاستعاذة من كليهما قال الإمام الأبوصيري ان بعض الأولياء سأل الله تعالى أن يريه كيف يأتي الشيطان ويوسوس فأراه الله تعالى هيكل الإنسان في صورة بلّور وبين كنفيه شامة سوداء كالعش والوكر فجآء الخنّاس يتجسس من جميع جوانبه وهو في صورة الخنزير له خرطوم كالفيل، فأدخل خرطومه من بين الكتفين من قبل قلبه فوسوس اليه فذكر الله فخنس ورآه، لذلك سمي الخناس لأن نور الذكر ينكصه على عقبه ولهذا السر الإلهي كان