للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاتم النبوة في هذا المحل إشارة الى عصمته صلّى الله عليه وسلم منه. وقال صلّى الله عليه وسلم أعانني الله عليه فأسلم بالختم وما أسلم قرين آدم فوسوس اليه. هذا على الرواية بأن الفعل فعل ماض، وعلى رواية انه فعل مضارع يكون بمعنى السلامة لا بمعنى الإسلام، تدبر.

وكان صلّى الله عليه وسلم يحتجم من بين الكتفين ويأمر بذلك لتضعيف مادة الشيطان وتضييق مرصده لأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم كما مر في الحديث، وقال بعض العارفين أراد برب الناس الأطفال لان معنى الربوبية يدل عليه وبملك الناس الشباب لأنّ لفظ الملك المنبئ عن السياسة يدل عليه، وبإله الناس من الشيوخ لان لفظ الإلهية المنبئ عن العبادة يدل عليه، وبالذي يوسوس إلخ الصالحين لان الشيطان يطمع بإغوائهم وبمن الجنة والناس المفسدين لعطفه على المعوذ منه فهم أكثر من غيرهم لقرب لحوقهم به. اخرج مسلم والترمذي والنسائي ان رسول الله قال أنزلت عليّ الليلة آيات لم أر مثلهن قط: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وجاء عن عائشة ان رسول الله كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات (الإخلاص، والفلق والناس) وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيديه رجاء بركتهما، أخرجه مالك في الموطأ وللبخاري ومسلم بمعناه، وروى البخاري ومسلم أن رسول الله كان إذا آوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ المعوذات ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاثا.

هذا وما قيل أنه صلّى الله عليه وسلم سحر من قبل اليهود في المدينة وصار يتعوّذ بهما ولم يزل حتى برىء، فبعيد عن الصحة، لأن هاتين السورتين نزلنا بمكة في أوائل البعثة ولا خلطة له ولا مراجعة مع اليهود حتى يغتاظوا منه فيسحروه وكيف يسحر وهو معصوم بعصمة الله، وقد نفى الله عنه وصفه بالسحر وحماه من السحرة وغيرهم، وعليه فكل ما ورد في هذا لا عبرة به ولا قيمة لناقليه البتة، وما قيل أن المعوذتين نزلتا بالمدينة لا صحة له، لأن القول المعتمد أنهما مكيتان وأن تعوذه بهما استدار للأمر به من سحر وعين وحسد وغيرها له ولأمته الى يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>