والغاية ومثله المدى «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ» يا سيد الرسل «نَبَأَهُمْ» خبرهم قصصا صحيحا «بِالْحَقِّ» الذي لا مرية فيه وهو «إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً» ١٣ بإيمانهم وبصيرة في تصديقهم ومعرفة بإسلامهم «وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ» الطاهرة المملوءة بالعقيدة الراسخة بوجود الإله الواحد والبعث والجنة والنار لأنا نورناها بنور البصيرة، ثم أوقرناها بالصبر، وقويناها باليقين «إِذْ قامُوا فَقالُوا» لملكهم الجبّار دقيانوس حين أنبهم على عدم عبادة الأوثان وعدم الاعتراف بألوهيتها «رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً» إن دعونا غير إلهنا الحق تبعا إلى هواكم وخوفا من عقابكم فيكون قولنا قولا «شَطَطاً» ١٤ أشرا كذبا محضا وبهتا، لأن الشطط هو الغاية في البعد والنهاية في مجاوزة الحد، وقالوا أيضا «هؤُلاءِ قَوْمُنَا» الذين اتبعوا «اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً» وفي هذا تبكيت وتقريع، لأن الإتيان بالحجّة على صحة عبادة الأوثان محال «لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ» وإذا لم يأتوا فقد ظلموا أنفسهم «فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً» ١٥ لا أظلم ممن زعم أن لله شريكا. قال تعالى «وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ» تركتم قومكم «وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ» من الأوثان فرارا من دينهم الذي يريدونكم عليه قسرا أيتها الفئة الصالحة حفظا لدينكم وحرصا عن صدكم عنه، وذلك أنهم هربوا من أمام الملك لما رأوه يريد الفنك بهم لما سمعه منهم من الطعن في دينه وهجروا أوطانهم وفارقوا قومهم حبا بدينهم وحرصا عليه وقال بعضهم لبعض أثناء الهرب «فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ» وكلهم يعرفه بدليل مجيئه معرفا، فتراكضوا نحوه ولجأوا إليه وأعمى الله جماعة الملك الذين لحقوقهم ليقبضوهم ويحضروهم أمامه ليعذبهم على ما وقع منهم، إن يروهم، كيف لا وقد ألهمهم الله تعالى قوله «يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً» ١٦ منتفعا ويسرا وسهولة، ثم اختفوا فيه وألقى الله عليهم النوم الثقيل. وقد ذكر الله تعالى ما خصهم به من اللطف والعطف لقوة يقينهم وثبات عزيمتهم فقال «وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ» تميل وتعدل «عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ» جانبه