لا نهاية لها، وفي هذا رد أيضا لمن قال إن حضرة الرسول لا يحتاج إلى إنشاء الصلاة عليه لكماله وعلو مرتبته. قال تعالى «وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ» شمسية «وَازْدَادُوا تِسْعاً» ٢٥ بحساب الأشهر القمرية وهذه المدة مدة لبثهم نياما في الكهف وهي كالبيان للمدة المتقدمة، وجواب السائلين عن مدة لبثهم فإن جادلوك يا سيد الرسل في مدة لبثهم بعد هذا اليمان فلا تلتفت إليهم لأنه محض عناد ولا تمارهم فيه و «قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا» لا أنا ولا أنتم وهو الأجدر والأحسن بك من الأخذ والرد معهم لأنه هو الذي «لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» وحده جلّ علمه «أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ» به وقد حذف بدلالة الأول، أي ما أسمعه بكل مسموع وأبصره بكل مبصر ويبصر جلّ شأنه ما لا نبصره ويسمع ما لا نسمعه، لأن قوانا كليلة عاجزة، وهاتان الكلمتان صيغتا تعجب أي ان ذلك أمر عجيب من شأنه أن يتعجب منه ولا امتناع من صدور التعجب من صفاته تعالى، أما التعجب منه فممتنع، راجع الآية ١١ من سورة الصافات المارة، وقل لمن يقول لك إن للكفرة أولياء يشفعون لهم عند الله الذي تدعوهم إليه «ما لَهُمْ» أي أهل السموات والأرض كلم «مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ» غير الإله المنفرد في أمره الذي لا يقبل أن يتدخل أحد فيه «وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً» ٢٦ من خلقه، فلئن لا يشرك معه من مصنوعاته شيئا من باب أولى.
هذا آخر ما قصة الله تعالى علينا من شأن أهل الكهف، فيجب الوقوف عنده وإسناد علم ما عداه إليه تعالى بأن يقول المسئول إذا سئل عن أكثر من هذا، الله أعلم بشأنهم، لأنا لا نعلم إلا ما قصة الله علينا فيهم. هذا، وإن في قوله تعالى في الآية ٩ المارة (أصحاب الكهف والرقيم) ردا لما قاله بعضهم إن أصحاب الكهف هم المعنيون في هذه الآيات، وأصحاب الرقيم هم الذين ذكرهم حضرة الرسول في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم والبخاري عن أبي هريرة عن سالم عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم فآواهم المبيت إلى غار، فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل وسدت عليهم باب الغار، فقالوا والله لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال رجل منهم