كان لي أبوان شيخان كبيران إلخ. وهو حديث طويل يراجع في محله، لأن هؤلاء يطلق عليهم أهل الكهف وأهل الغار، والمذكورون في الآيات أهل الكهف وأهل الرقيم، كما سيتبين لك من القصة الآتية إن شاء الله التي خلاصتها كما قاله الأخباريون:
إن غالب أهل الإنجيل بعد عيسى عليه السلام عظمت فيهم الأحداث والخطايا وطغت ملوكهم، فعبدوا الأوثان وأكرهوا قومهم على عبادتهم، ولما صار الأمر إلى دقيانوس شدد في ذلك كثيرا وأراد هؤلاء الفتية الذين هم من أشراف قومهم على عبادتها فأبوا وصاروا يجادلونه في عدم صلاحيتها للعبادة، فخاف أن يتبعهم قومه، فهددهم بالقتل إذا لم يوافقوه على عبادتها، فأبوا وانصرفوا من أمامه، فأمر بإحضارهم فهربوا ومروا براعي غنم، فلما عرف أمرهم ترك غنمه وتبعهم هو وكلبه، وما زالوا حتى بلغوا الكهف، فدخلوه واختبارا به وناموا، وأضل الله جنود الملك عنهم كما أضل جنود فرعون عن اللحاق بموسى عليه السلام، راجع الآية ٢٢ من سورة القصص فما بعدها ج ١، وأعمى الناس عن مكانهم طيلة هذه المدة وحفظهم الله من البلى بما قصه علينا في كتابه وهو خير حافظا، كما أعمى الله قريشا عن حضرة الرسول حينما تخبأ في الغار الوارد في الآية ٤٠ من سورة التوبة في ج ٣، راجع تفصيلها في بحث الهجرة آخر هذا الجزء. ولما لم يقفوا على خبرهم ولم يهتدوا لهم وقد أيسوا منهم بعد أن صرفوا غاية جهدهم، فأمر الملك أعوانه أن يكتبوا أسماءهم وأنسابهم وتاريخ فقدهم والمكان الذي فقدوا به والسبب الداعي لهربهم على صحيفة من نحاس ففعلوا، ثم أمر بحفظها في خزانته ليطلع عليها من بعدهم، وبقي دقيانوس ومن بعده على حالتهم، ثم بعد زمن عظيم ملك تلك المدينة رجل صالح اسمه بندوسيس فتحزب قومه معه وصار منهم من يدعو إلى الإيمان تبعا للملك ويقر بالبعث والحشر، ومنهم من أصر على التكذيب وعبادة الأوثان، ولما رأى الملك ظهور الكفرة على غيرهم حزن ودخل بيته وجعل تحته رمادا ولبس مسحا وصار يتضرع إلى الله بأن يظهر له آية تحق الحق وتبطل الباطل، فألقى الله في نفس أولياس من أهل البلد الذي فيه الكهف أن يبني حظيرة لغنمه على باب الكهف، ونزع ما كان من الحجارة عليه، فأذن الله تعالى لهم باليقظة فقاموا كأنما استيقظوا