من جنس المستثنى منه. أما إطلاق لفظ الجن على الملائكة في قوله تعالى (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) الآية ١٥٨ من سورة الصافات المارة على قول من قال إن المراد بالجنة فيها الملائكة، لأن العرب تقول إن الملائكة بنات الله، لأنه مأخوذ من الاجتنان وهو الستر، ومنه سمي الجنين لاستتاره في بطن أمه، فتدخل الملائكة في هذا اللفظ من هذه الحيثية فقط، وعليه يجوز إطلاق لفظ الجن على كل الملائكة على هذا المعنى، وإلا فالجنّ جنس والملك جنس آخر مخالف، وقد أثبت الله في قوله الآتي أنه له ذرية بنص لا يقبل التأويل ولا يحتمله، وأنت خبير بأن الملائكة لا يتوالدون فلا ذرية لهم، وأنهم خلقوا من نور الله، والجن من ناره بنص القرآن، فلا مشابهة بينهم في أصل الخلقة، تدبر «فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ» بعدم الامتثال تكبرا لزعمه أنه أفضل منه، راجع هذا البحث في الآية ١٢ من سورة الأعراف في ج ١، «أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ» يا بني آدم «أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي» بعد أن خالف أمري وطرد من رحمتي «وَهُمْ» إبليس وذريته «لَكُمْ عَدُوٌّ» أيها الناس ثابت العداوة مع أبيكم آدم بالنص القطعي، فإذا كنتم إليه ولذريته ظلمتم أنفسكم بدل أن ترحموها، والله تعالى يقول «بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ» المتخذين أعداءهم أولياء «بَدَلًا» ٥٠ من الله تعالى، قيل إن إبليس يوسوس للعبد بترك الصلاة ويوسوس له فيها أيضا ليقطعها عليه، وله من نوع الذرية خمس:
(١) الأعر يحبب للناس الزنى (٢) ووتير يجزّعهم على المصائب (٣) ومسوط يلقي في قلوبهم الأراجيف (٤) وداسم يأكل ويشرب مع من لم يسم الله تعالى (٥) وذو بنور الذي يرغب الناس للدخول في الأسواق. وقد أخرج ما بمعناه ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم عن مجاهد، وروى مسلم عن عثمان ابن أبي العاص قال: قلت يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يلبسها عليّ، قال فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذلك شيطان يقال له جثرب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا، قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. وروى مسلم عن جابر قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا،