ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت. قال الأعمش أراه قال فيلتزمه أي يضمه إلى صدره تحيذا لفعله، عليه وعلى ذريته الكافرة اللعنة والغضب. وروى ابن زيد أن الله تعالى قال لإبليس إني لا أخلق لآدم ذرية إلا ذرأت لك مثلها، فليس يولد لآدم ولدا إلا ولد معه شيطان يقرن به، ولا علينا أن نعلم كيفية توالده، لأن كثيرا من الأشياء لم يطلع الله عليها خلقه، والقصد وجوب الاعتقاد بحصول الذرية له، سواء أكان ذلك كالبشر أم كالحيوان أو كالطير أو الحوت أو الحشرات وغيرها. قال تعالى «ما أَشْهَدْتُهُمْ» أي إبليس وجنوده وذريتهم «خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ» أي ما أطلعتهم على ذلك، لأني خلقتها قبل خلقهم، فافردوني أيها الناس بالعبادة كما انفردت بالخلق، وإياكم أن تشركوا في ذلك غيري فتظلموا أنفسكم «وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً» ٥١ أعوانا أستعين بهم على خلقهما أو خلق شيء مما فيهما وعليهما فكيف تتخذونهم أولياء من دوني أيها الكفرة «وَ» اذكر يا محمد لقومك حالة أولئك المتخذين شريكا معي «يَوْمَ يَقُولُ» لهم يوم القيامة «نادُوا شُرَكائِيَ» الذين عبدتموهم في الدنيا «الَّذِينَ زَعَمْتُمْ» أنهم شركائي وأنهم يشفعون لكم في الآخرة هذه «فَدَعَوْهُمْ» واستغاثوا بهم هلم انقذونا مما نحن فيه واشفعوا لنا كما وعدتمونا في الدنيا «فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ» لأنهم إن كانوا من الملائكة أو عزيز وعيسى وعلي عليهم السلام أو غيرهم من البشر فإنهم يتبرءون منهم ويستعيذون بالله من عبادتهم ويتضرعون إلى الله بالعفو عنهم من هذه النسبة الباطلة، وإن كانوا من الأصنام فهي حجارة أو خشب أو غيرها من الجماد الذي لا يسمع ولا يتكلم، ثم يحال بينهم وبين ما يعبدون لقوله تعالى «وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ» وبين أوثانهم «مَوْبِقاً» ٥٢ مهلكا، قال ابن عباس هو واد في النار يجتمعون فيه في جهنم «وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا» أيقنوا وتحققوا «أَنَّهُمْ مُواقِعُوها» مدفعون إليها وداخلون فيها وذلك بعد أن أراهم عجز أوثانهم وتبرأ الأولين وإهلاك الآخرين في الموقف بعد الحساب والقضاء «وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً» ٥٣ لأنهم بعد أن أوقعوا فيها أحاطت بهم من