للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولولا أنزل هذا القرآن على رجل) الآية، وأشباه هذه الآيات كقولهم ساحر وكاهن وشاعر وسحر وكهانة وأساطير الأولين واختلاق وافتراء إلى غير ذلك «لِيُدْحِضُوا» يزيلوا ويبطلوا ويمحقوا «بِهِ» بجدالهم هذا «الْحَقَّ» الذي جاءهم من عندنا على أيدي رسلهم «وَاتَّخَذُوا» أولئك الكفرة «آياتِي» التي أنزلتها إليهم بواسطة رسلى «وَما أُنْذِرُوا» به منها وما فيها من التهديد والوعيد والتقريع والتوبيخ والتبكيت «هُزُواً» ٥٦ سخرية بضم الزاي وإسكانها «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ» يريد القرآن خاصة بدليل تذكير الضمير فيما يأتي «فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ» من الكفر والعصيان، أي لا أظلم من هذا أبدا «إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ» أي الذين ذكروا فأعرضوا «أَكِنَّةً» أغطية كثيفة «أَنْ يَفْقَهُوهُ» لئلا يعوه ويفهموه «وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً» لئلا يسمعوه ويعقلوه «وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى» الذي تريده لهم يا سيد الرسل «فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً» ٥٧ لسابق سقائهم وإحقاق الكلمة عليهم، لأن هذه الآية خاصة في أقوام منهم علم الله تعالى أنهم لا يؤمنون أبدا «وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ» على كفرهم، ولكن من مقتضى رحمته تأخيره، ولذلك جاء الإضراب بعده بقوله «بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ» لتعذيبهم في الدنيا كما لهم موعد لعذابهم في الآخرة لا خلف فيه «لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا» ٥٨ منجى وملجأ قال الأعشى:

وقد أخالس رب الدار غفلته ... وقد يحاذر مني ثم مائيل

ينجو. قال تعالى «وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا» أعاد الضمير لأهلها، والمراد بهم هنا الذين يعلمونهم أكثر أهل مكة وهم قوم نوح فما بعده، لأن القرى لا تهلك إلا بهلاك أهلها، وإلا فما داموا فيها فهي عامرة بهم، وكان سبب إهلاكهم الظلم «وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً» ٥٩ أجلا فاجأناهم به، والمراد به هلاك الاستئصال عقابا لهم على ظلمهم لأن غيره يحصل لكل الأمم، أي وكذلك قومك يا محمد إن لم يؤمنوا فيحل بهم ما حل بهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>