وهو قوله تعالى «فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً» ٧٤ منكرا عظيما لا يتلافى وهو بخلاف خرق السفينة إذ يمكن تلافيه ولأنه قد لا يؤدي إلى الهلاك، وتقرأ نكرا بضم الكاف وسكونها «قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ» أكد إنكاره عليه بأن واللام لقوله «لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً» ٧٥ وإنما زاد في جملته هذه (لك) لأنه نقض العهد مرتين، فلما أحس موسى بانفعال الخضر من اعتراضه عليه ثانيا، لأن في هذه الجملة تعنيفا له «قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً» ٧٦ إذا فارقتني لوضوح العذر ولا لوم عليك البتة «فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ» بسقط لشدة ميلانه للانهدام «فَأَقامَهُ» أشار إليه بيده فاعتدل «قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً» ٧٧ لأنهم لم يضيفونا ولم يطعمونا فلبسوا بأهل لتعمل لهم ذلك عفوا، قالوا إن هذه القرية (أنطاكية) مدفن الرجل الصالح حبيب النجار من أصحاب عيسى عليه السلام، قال أبي بن كعب: قال النبي صلّى الله عليه وسلم كانت الأولى من موسى نسيانا والثانية شرطا والثالثة عمدا «قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ» لأني لا أقدر على مصاحبتك لعدم صبرك على ما ترى مني وعدم علمك نتيجته ولكن «سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً» ٧٨ روى البخاري ومسلم عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم رحمة الله علينا وعلى موسى (وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه) لولا أنه عجل لرأى العجب ولكنه أخذته من صاحبه ذمامه (حياء وإشفاق من الذم واللوم) فقال (إن سألتك) الآية، فلو صبر لرأى العجب. قال تعالى مبينا ما استنكره السيد موسى بقوله «أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ» قيل كانوا عشرة خمسة منهم زمنى وخمسة يعملون بها «فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها» حتى لا يأخذها أحد منهم «وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ» قال
سعيد بن جبير: كان ابن عباس يقرأ (وكان أمامهم ملك) وليس بشيء «يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً» ٧٩ لم تتكرر هذه الكلمة بالقرآن