فيكون برحمة الله وفضله ليس إلا، وعليه فيصح أن يقال لم ندخل الجنة بمجرد العمل، وهذا هو مراده صلّى الله عليه وسلم وهو على حد قول العبد لسيده تفضلتم علي يا سيدي بما لم أكن أهله، فيقول له السيد بل بحسن خدمتك وأدبك. ويصح أن يقال تدخل الجنة بسبب الأعمال برحمة الله وفضله ومنّه، لا بالوجوب كما قال بعضهم، لأن الله لا يجب عليه شيء لأن الكون وما فيه ملكه وتحت سلطانه وله أن يفعل فيه ما يشاء، فلو عذب الطائع وأناب العاصي أيعارضه أحد؟ كلا لا يسأل عما يفعل، قال صاحب الزبد في عدم جواز نسبة الظلم إليه تعالى:
وله أن يؤلم الأطفالا ... ووصفه بالظالم استحالا
لأن الظلم تصرف فى حق الغير فيما لا يحل، والله جل شأنه متصرف في ملكه لأن الكل تحت قبضته، فلو أن أحدا هدم داره أو أحرق متاعه هل لأحد معارضته وهل عليه عقاب ما؟ كلا البتة، فإذا كنا نحن العبيد لنا التصرف المطلق فيما ملكناه الله لأن ملكنا له مجاز، فكيف يعترض أحد على المالك الحقيقي إذا تصرف في ملكه.
راجع الآية ٢٨ من سورة الأعراف في ج ١ والآية ٧٣ من سورة الزخرف المارة ولهذا البحث صلة في الآية ١٩ من سورة الطور والآية ٢٤ من سورة الحاقة الآتيتين فراجعه تجد ما يسرك إن شاء الله القائلَ لْ يَنْظُرُونَ»
هؤلاء الجاحدون نبوتك يا سيد الرسل المنكرون وحينا إليكِ لَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ»
بقبض أرواحهمَ وْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ»
بعذابهم الدنيوي، وهذه الآية من آيات الصفات التي أشرنا إليها غير مرة بأن مذهب السلف الصالح إبقاؤها على ظاهرها ومذهب الخلف وبعض المتكلمين، على تأويلها بما يناسبها، راجع الآية ٦٧ من سورة الزمر المارة وما ترشدك إليهَ ذلِكَ»
مثل فعل هؤلاءَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ»
من الكفر والتكذيبَ ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ»
بتعذيبهم من أجلهَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ»
٣٣ بما عملوا من الخبائث «فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا» في دنياهم «وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» ٣٤ على الرسل وما جاءوهم به من عندنا جزاء كسبهم هذا بما لا تطيقه أجسامهم «وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا