للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سورة الإسراء ج ١، إذ المراد بها أرض مصر فقط، وقال تعالى (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ) الآية ٧١ منها، والمراد بها مكة، لأنه لا قدرة لهم على غيرها، كما أن سلطان مصر لا حكم له على غيرها لقوله تعالى (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الآية ٢٥ من القصص في ج ١ أيضا، إذ لو كان لسلطان مصر سلطان على أرض مدين التي فيها شعيب لما قال هذا الكلام لموسى وفي هذه الآية دليل أيضا على أن البلاء يعم لأن الله تعالى أغرق معهم أطفالهم وحيواناتهم، قال تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) الآية ٢٥ من الأنفال في ج ٣، وقدمنا ما يتعلق في هذا في الآية ٤٤ من سورة يونس فراجعه. ثم بين السبب في طلب إهلاكهم جميعا بقوله «إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ» يا سيدي على ما هم عليه من الكفر «يُضِلُّوا عِبادَكَ» بسوقهم إلى الضلال، قال ابن عباس:

كان الرجل منهم يأخذ ابنه إلى نوح عليه السلام ويحدره من اتباعه ويقول له إن أبي حذرني اتباعه وها أبي أحذرك منه فاحذره، فأوص ولدك من بعدك بعدم اتباعه، ولهذا قال عليه السلام «وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً» ٢٧ عريقا في الكفر، إذ تلقاه عن أبيه كما تلقاه أبوه عن جده، ولشدة إصراره عليه بوصي به ولده من بعده. ثم انه عليه السلام لما رأى دعوته هذه قد أجيبت بإلهام من الله تعالى له وظن أن ذلك ناشىء من عدم قيامه بالدعوة الإلهية كما ينبغي من إدمان الصبر وتحمل الأذى استغفر ربه عز وجل وقال «رَبِّ اغْفِرْ لِي» ما وقع مني من التقصير في خدمتك ودعوة عبادك واستعجالي عليهم بالدعاء، وهذا على الاحتمال وهضما للنفس، وإلا فهو عليه السلام مبرا من التقصير وحاشاه أن يوصف بالاستعجال بعد صبره عليهم ألف سنة تقريبا، ولكن الأنبياء يخافون ربهم بقدر قربهم منه، والعبد كلما قرب من ربه عظمت هيبته في صدره وازداد خوفا منه وبدأ بطلب المغفرة لنفسه أولا، لأنها أولى بالتقديم، وهكذا كان محمدا صلى الله عليه وسلم يبدأ بنفسه بالدعاء ثم يثني بالمتصلين به لأنهم أحق من غيرهم، فقال «وَلِوالِدَيَّ» أبيه لمك بن متوشلح وأمه شمناء بنت انوش، قالوا وكان بينه وبين آدم عليه السلام عشرة آباء كلهم مؤمنون، ثم عمم بدعائه فقال «وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً» قيد بالمؤمن

<<  <  ج: ص:  >  >>