للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإخوانهم من الأنبياء والملائكة وأصنافهم وكل صالح محسن مطيع من المؤمنين ممن سبقت لهم السعادة «أُولئِكَ» الأفاضل الأكارم «عَنْها» أي جهنم «مُبْعَدُونَ» ١٩١ لا يردونها ورود دخول أبدا. وهذه الآية عامة يدخل فيها كل من قدر الله له دخول الجنة وهؤلاء المحسنون «لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها» صوت لهيبها «وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ» من نعيم الجنة وكرامة ربهم «خالِدُونَ» ١٠٢ في جنة ربهم المقدرة لهم «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ» في هول الموقف ودخول النار «وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ» على أبواب الجنة يحيونهم ويقولون لهم «هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ» ١٠٣ في الدنيا، وما قيل إنه بعد ذلك ذهب أبو جهل وجماعة من قريش إلى أبي طالب وكلفوه منع ابن أخيه من التعرض لآلنهتهم على الصورة المارة في الآية ١٠٧ من سورة الأنعام المارة، وعلى الصورة التي ذكرناها في الآية ٢٦ من السورة نفسها لا يصح، لأن أبا طالب توفي قبل هاتين الحادثتين بكثير كما أشرنا إليه في الآيتين المذكورتين، وأن هذه متأخرة عن وفاة أبي طالب، لذلك فإنه قيل لا قائل له، واذكر لقومك يا سيد الرسل «يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ» مثل طي الصحف والطي ضد النشر وهو تكويرها ولفها ومحو رسومها بعد أن كانت مبسوطة منشورة بحيث لا يبقى لها اسم ولا رسم، لأن طي الشيء كناية عن نسيانه وإعدامه وعدم تذكره بالمرة. وقال بعض المفسرين إن السجل اسم ملك موكل بالصحف، فإذا مات الإنسان دفع كتابه إليه فطواه ورفعه، والأول أولى، لأن السجل هو مجموع الصحائف التي تسجل فيها الأعمال، ومنه أخذ أهل الدنيا تسميتهم ما يدون به وقائع الأحوال الدنيوية سجلا في المحاكم وغيرها «كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ» بعد الموت مثل ما خلقناه أولا على هيئته، وقد وعدنا الرسل بذلك «وَعْداً» حقا ثابتا لا يبدل ولا يغير وهو لازم «عَلَيْنا» بأن من خلقناه في الأزل كافرا نعيده بعد الموت كافرا، ومن خلقناه مؤمنا نعيده يوم الحشر مؤمنا، وهذا واجب علينا إنجازه على طريق الوفاء بالوعد «إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ» ١٠٤ لما نعد به لا نخلفه البتة، وهذه الآية والآية ٣٠ من سورة الأعراف في ج ١ تؤيدان ما مشينا

<<  <  ج: ص:  >  >>