للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه من تفسيرهما بأن الذي خلق يوم خلق الذر كافرا يموت كافرا ويحشر كافرا ولو عمل ما عمل من الخير كإبليس، والذي خلق مؤمنا يموت ويحشر مؤمنا، ولو فعل ما فعل من الشر، كسحرة فرعون، والحديث الصحيح الذي ذكرناه في الآية ٨٤ من سورة الإسراء في ج ١، يؤيد هذا بزيادة فيما يبدو للناس، كما هو في صحيح البخاري، وعليه فلا عبرة فيما يقع للعبد في متوسط عمره من أفعال الخير والشر، وإنما العبرة بالخاتمة نسأل الله حسنها. قال تعالى «وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ» المنزل على داود عليه السلام «مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ» أي التوراة لنزوله بعدها، وقيل الذكر اللوح أو أم الكتاب أو غير ذلك، والأول أولى «أَنَّ الْأَرْضَ» أل فيها للعهد والمعهود من أرض الدنيا الأرض المقدسة «يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ» ١٠٥ لعمارتها وحفظها بإعلاء شأن دين الله وإقامة العدل بين الناس، قال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الآية ٥٦ من سورة النور في ج ٣، وهناك أقوال أخر بأن المراد بالصالحين الصالحون بعمارتها الدنيوية، وعليه فيراد بالأرض الأرض كلها قال تعالى (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) الآية ١٢٧ من سورة الأعراف في ج ١ ولفظ العباد لا يختص بالمؤمنين وأقوال أخر بأنها أرض الجنة، قال تعالى (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) الآية ٧٤ من سورة الزمر المارة وأولاها أوسطها والله أعلم، وقد جاء في الزبور الموجود الآن عند النصارى وغيرهم في المزمور ٣٧ والآية ٢ ما نصه: اسكن الأرض وارع الأمانة. وفي الآية ١١ أما الورعاء فيرثون الأرض ويتلذذون في كثرة السلامة. وفي الآية ٢٤ لأن المباركين يرثون الأرض، والملعونين يقطعون. وفي الآية ٢٧ صدّ عن الشر وافعل الخير واسكن إلى الأبد. وفي الآية ٢٩ الصديقون يرثون الأرض ويسكنونها إلى الأبد. وفي الآية ٣٤ انتظر الرب واحفظ طريقه فيرفعك لترث الأرض إلى انقراض الأشرار.

هذا أيها الناس كتابنا ينطق بالحق عما في كتب الأنبياء السالفين، مصدقا لما جاء فيه كما أخبرنا الله على لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، فاعتبروا رحمكم الله في هذه العبرة العظيمة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد «إِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>