لم تمض الخمس دقائق بعد، فنظرت وإذ البيضة بيده والساعة في الدلة، فعكست الأمر.
فالذي يكون عن هذه الأمور التافهة غافلا فمن باب أولى أن يكون المشغول بالدنيا أغفل بكثير عن أمور الآخرة لا سيما وأن منها ما هو غير معقول، كما يدل عليه قوله «وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ»
٧ ساهون لا هون بالدنيا لا ينظرون إلى ما يتعلق بها، ولا يصرفون حواسهم لما خلقت لها، لأن الله تعالى طبع عليها وسلبهم منافعها فصدّت عقولهم عن النظر إليها، أجارنا الله من ذلك. وسبب نزول هذه الآية أن كسرى بعث جيشا على رأسه شهربان ليقاتل جيش الروم الذي على رأسه مخيلن، فغلبه بأذرعات وبصرى وهما أقرب أرض للشام إلى أرض العرب، فشق ذلك على المسلمين لأنهم أهل كتاب ويودونهم، وفرح المشركون لأنهم كفرة مثلهم ويحبونهم، فقال المشركون للمسلمين إن قاتلتمونا فسوف نغلبكم أيضا لأن إخواننا غلبوا إخوانكم. قالوا وبعد نزولها قال أبو بكر للمشركين لا تفرحوا فإن الروم ستغلب فارسا في الحرب القابلة إذ أخبرنا الصادق المصدوق سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم بذلك عن ربه عز وجل، وإخباره واقع لا محالة، فقال له أبي بن خلف اجعل بيننا أجلا نناصبك، أي نراهنك عليه، فجعل الأجل ثلاث سنين، وتراهنا على عشر قلاص، وأخبر أبو بكر حضرة الرسول، وكان القمار لم يحرم بعد، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم البضع ما بين الثلاث إلى التسع، فزايده بالحطمة ومادده في الأجل، فلقي أبو بكر أبيا فقال له تعال أزايدك في الخطر وأماددك في الأجل، فاتفقا على مئة قلوص إلى تسع سنين من شهر كذا من عام كذا، وإنما فعل هذا أبو بكر لأنه جازم بأن الله تعالى لا بدّ وأن يصدق رسوله بما أخبر به لقوة إيمانه، وإلا لو لم يرد الله ذلك لما ألقى في قلبه الموافقة على تمديد الأجل بعد أن اتفقا على غيره. ولما شاع بين الناس أن أبا بكر يريد الهجرة من مكة بسبب الضيق الذي وقع على المسلمين عامة في أذى قريش، أتاه أبيّ وقال له أعطني كفيلا بالحظر إذا أنت نزلت مكة فكفله ابنه عبد الله، وبعد الهجرة أراد أبي أن يذهب مع المشركين للاشتراك في واقعة أحد الكائنة في السنة الثالثة من الهجرة، فجاءه عبد الله بن أبي بكر وطلب منه كفيلا بالحظر إذا هو مات أو قتل، فأعطاه كفيلا، ثم انه تلاقى مع