رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حرب أحد وضربه الرسول فجرحه جرحا بليغا مات منه بعد رجوعه إلى مكة، ثم ظهرت الروم على فارس بعد وقعة الحديبية على رأس سبع سنين من تاريخ المراهنة، إذ وقعت في السنة الثالثة عشرة من البعثة التي وقعت فيها الهجرة، وهو تاريخ نزول هذه السورة، فقد هاجر صلّى الله عليه وسلم بعدها بقليل إذ لم ينزل عليه بعدها إلا العنكبوت والمطففين، وختم الوحي المكي بهما، وذلك بعد عقد المعاهدة بين شهرمان وقيصر، وقد ضمنا المعاهدة شروطا لم يحبا أن يطلع عليها خاصتهم فضلا عن عامتهم، لأنها تتعلق بمصالح الدولتين، وإذ كانت بحضور ترجمانه، وخافا أن يذيع شيئا منها وكل منهما حريص على كتمانها، فقال شهريان لقيصر السريين اثنين فإذا جاوزهما فشا، فقتلا الترجمان لئلا يفشي شيء من خبر تلك المعاهدة باتفاق الطرفين، ومنذ ذلك التاريخ صار مثلا: كل سر جاوز الاثنين شاع.
وجعلوا لهذه الشطرة صدرا: كل علم ليس في القرطاس ضاع. فقمر أبو بكر أبيا وأخذ الحظر كله من ورثته، وأمره الرسول بالتصدق به ففعل. وهذه من الآيات البينات الدالات على صدقه صلّى الله عليه وسلم التي اعترف بها المشركون أنفسهم وهي من الإخبار بالغيب.
والحكم الشرعي في هذا هو جواز المقامرة والربا والعقود الفاسدة في دار الحرب بين المسلمين والكفار على مذهب أبي حنيفة وصاحبه محمد، ولم يجوزه الآخرون.
أما هذه المقامرة فقد وقعت قبل تحريم القمار وكان جائزا متعارفا بينهم، إلا أنه لما كانت التأدية بعد تحريمه وكانت العبرة بالابتداء لأن الأصل إبقاء ما كان على ما كان أخذه أبو بكر، ولو كان أخذه حراما لما أمره بالتصدق به، لأن التصدق بالحرام حرام حتى قيل إن من تصدق بالحرام طلبا للأجر يكفر. وإنما أمره بالتصدق به نورعا، ولئلا يقول المشركون أخذه أبو بكر مع قول صاحبه بحرمته أو لحاجة فيه.
قال تعالى «أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ» التي هي أقرب شيء منهم وما أودعها الله من غرائب الأشياء وبدايع الحكم فيها ظاهرا وباطنا وانها لا بد لها من الانتهاء ليعلموا أن أمر سائر الخلائق جرى على الحكمة الخارقة لا بد لها من الانتهاء بالأجل الذي قدّره لها مبدعها وليتحققوا أن «ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى» تفنى عند بلوغه «وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ