شاهين وابن مردويه وغيرهم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه أنت صاحبي في الغار وأنت رفيقي على الحوض. وأخرج ابن عساكر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وأبي هريرة مثله، وأخرج هود ابن عدي عن طريق الزهري عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لحسان هل قلت في أبي بكر شيئا؟ قال نعم، قال قل، فقال رضي الله عنه من جملة ما قال في حقه:
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد ... طاف العدوّ به إذ صاعد الجبلا
وكان حب رسول الله قد علموا ... من البرية لم يعدل به رجلا
فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه، ثم قال صدقت يا حسان هو كما قلت، وقال بعضهم إن شبان قريش ذهبوا نحو الغار بأسلحتهم حتى كانوا عنه قدر أربعين ذراعا فتقدم أحدهم وهو أمية بن خلف فقال إن عليه لعنكبوتا قبل ميلاد محمد، فانصرفوا، وزاد البيهقي في الدلائل أن أبا بكر صار يمشي مرة عن يساره، ومرة عن يمينه، وانه قال لحضرة الرسول لا آمن عليك وان محمدا صلّى الله عليه وسلم صار يمشي على أطراف أصابعه حتى حقيت رجلاه، فلما رأى ذلك أبو بكر حمله على كاهله وجعل يشتد به حتى فم الغار، قالوا وجرح صبع أبي بكر أثناء كله الغار، فجعل يمسح الدم ويقول:
ما أنت إلا أصبح دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت
وذهب الذين كانوا في طلبه صفر الأكف سود الوجوه، وصار له بعض من كان عليه، وهذا أول خير من فضائل الهجرة، إذ صاروا يتلاومون على فعلهم الذي سبب هجرته عنهم فقد أخرج ابن سعد وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال: لما خرج النبي صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر التفت أبو بكر، فإذا هو بفارس قد لحقهم، فقال يا نبي الله هذا فارس قد لحق ربنا، فقال صلّى الله عليه وسلم اللهم اصرعه، فصرع عن فرسه، فقال يا رسول الله مرني بما شئت، قال تقف مكانك لا تتركنّ أحدا يلحق بنا، فكان أول النهار جاهدا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وآخر النهار مسلحة له، وكان هذا الفارس سراقة المار ذكره في الحديث الأول الذي رواه البخاري. وصح من حديث الشيخين وغيرهما أن القوم طلبوا رسول