الله صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر، وقال أبو بكر ولم يدركنا إلا سراقة على فرس له، فقلت يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا، فقال لا تحزن إن الله معنا كما أشار الله بهذا في الآية ٤٢ من سورة التوبة في ج ٣، حتى إذا دنا فكان بيننا وبينه قدر رمح أو رمحين أو ثلاثة، قلت يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا وبكيت، قال لم تبك؟ قلت أما والله ما أبكي على نفسي ولكن أبكي عليك، فدعا عليه الصلاة والسلام، وقال اللهم اكفناه بما شئت، فساخت فرسه إلى بطنها في أرض جلدة (قوية) ووثب عنها، وفي رواية: قال اللهم اكفناه بما شئت وكيف شئت، فساخت قوائم فرسه في الأرض ولم تقو على مغادرتها فهال الأمر سرافة وانخلع قلبه فزعا وهلعا، فترجل خشية أن يصيبه ما أصاب فرسه، ونادى الأمان يا محمد أنظرني أكلمك، أنا لك نافع غير ضار، وقال يا محمد إن هذا عملك فادع ربك أن ينجيني مما أنا فيه، فو الله لأعمين على من ورائي من الطلب، واني راجع رادهم عنك، وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك ستمر بإبلي رغنمي في موقع كذا وكذا فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا حاجة لي فيها، ودعا له، فانطلق راجعا إلى مكة وقال ما قال كما مر آنفا، ورجع إلى أصحابه من بقية الطلب، ومضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا المدينة. الحديث. قالوا وكان في استقبال الرسول جماعة من أهل المدينة غير المهاجرين، وكان معهم الفتيات يفتين فرحا باستقباله صلّى الله عليه وسلم، ومن جملة ما نقل عن أناشيدهن:
أقبل البدر علينا من ثبات الوداع ... وجب الشكر علينا ما دعى لله داع
ومنهن من قلن:
نحن بنات من بني النجار ... يا حبذا محمد من جار
ويضربن بالدف ويظهرن معالم الفرح والسرور بقدومه بما جرت عليه عادتهم رضي الله عنهن وأرضاهن، فيظهر من هذه المعجزات التي أظهرها الله على يدي رسوله في مكة وآخرها قضية سرافة أن حضرة الرسول لم يهجر بلده مكة وقومه وعشيرته فيها عن ضعف أو خوف، كيف وقد أخبره الله تعالى في إنزال العذاب فيهم مرارا فلم يفعل لشدة حرصه على إسلامهم، وكان يجابه ربه بقوله اللهم اهد